جميع الكائنات تلعب، الانتماء إلى المرح أكثر من غريزة! الفرق بين الإنسان والحيوان أن الأخير لا يضع شروطا للعب. الإنسان يفعل ذلك؛ لأن الإنسان يلعب لعبتين في كل لعبة: جسدية وعقلية، وفي غياب العقلية هذه يكون اسم لعبته: الحرب، وهي ذات نتائج لكنها غالبا بلا أهداف، وأبدا بلا أسباب، ولاستحضار السبب والهدف يضطر إلى ليّ عنق المعتقدات الدينية، وتزوير التاريخ والكذب في الجغرافيا!

الآداب والفنون لعب أيضا، بعض منها يستخدم الجسد مباشرة كالمسرح والسينما، وبعض منها يبحر في مراكب المَجاز مكتفيا بإقامة علاقات خيالية معه، كالرواية والرسم والشعر، هذا الأخير أقل جفوة، فمازال لإلقاء الشاعر وحضوره الجسدي إيماءات وأثر!

الكائنات الحية خُلقت لعوبة، تلعب الريح بالأغصان ومعها. الطير يلعب والزرافات، وللأسماك ألعابها الجماعية الأكثر مهارة وفتنة، وكلما تطورت الكائنات صارت حاجتها للعب أكثر، والإنسان أكثرها حاجة للعب، وأكثرها دراية بهذه الحاجة، لذلك ابتكرت الرياضة والفنون والآداب، وكل غياب لأي من هذه الدروب الثلاثة، وكل عرقلة أو مطبات صناعية تُعقّد أو ترفض حضور الرياضة أو الفن أو الأدب؛ فإن أصحاب هذه المطبات والعراقيل، وأيا كانت حججهم ومبرراتهم، إنما يؤسسون لتوحش، من أسمائه التطرف والإرهاب!.