لا شك أن دورة الخليج العربي لكرة القدم أصبحت جزءا من تراث الأمة الخليجية فهي تتجاوز الآن (44) ربيعا، وساهمت بشكل فعال في تأسيس البنية التحتية والفنية لكرة القدم الخليجية، وكانت أحد أهم أسباب تطور الكرة في غرب القارة الآسيوية.
الدورة في ظل الالتزامات القارية الدولية للأندية والمنتخبات وأيام الفيفا والاحتراف في الأندية الخليجية أصبحت عبئا ثقيلا على الدول المشاركة بها حتى وإن تظاهر أصحاب الشأن بغير ذلك، وأبدوا اهتماما بإقامتها واستمرارها، لكنها تحتاج "توضيب" لتواكب المرحلة الحالية.
الدورة ورغم مرور هذه المدة الزمنية الطويلة ما زالت بلا مرجعية هيكلية سليمة، فليس لها اتحاد أو هيئة دائمة وإنما مرجعيتها مجلس رؤساء الاتحادات الكروية الخليجية والعراق واليمن، ولجنتها الفنية والمسابقات هم الأمناء العامون لهذه الاتحادات.
ولذلك فالنقطة الأولى والأساسية لاستمرار الدورة بشكل صحيح وسليم، ولتجد الاحترام والتقدير من الهيئات والاتحادات الدولية لابد أن يتم تشكيل اتحاد خليجي لكرة القدم يوضع له نظام أساسي وتضم إليه كافة المسابقات التابعة للجنة التنظيمية بدول مجلس التعاون أو تشكيل هيئة أو لجنة دائمة مستقلة في أحد الدول لتكون هي المرجعية ولها أمانة عامة ولجان متخصصة كالمسابقات والفنية والحكام والمالية والانضباط والاستئناف ..إلخ.
ثم بعد ذلك يتم دراسة موعد إقامتها حيث أن موعدها الحالي لا يتناسب إطلاقا مع كأس أمم آسيا ويمكن تعديل موعدها إلى السنة التي تسبق أمم آسيا بحيث تقام 2016 ثم 2018 ثم 2020 وهذا يضمن عدم تداخلها مع البطولة القارية المهمة وتثبيت إقامتها بين شهري ديسمبر ويناير حيث تقل الالتزامات الدولية.
هناك عديد من الأطروحات حول زيادة عدد المنتخبات المشاركة أو إضافة منتخبات عالمية كضيوف شرف على البطولة وهذا الأمر لن يتم لأنه مرتبط بتفريغ اللاعبين الدوليين وبالتالي لن تتم الاستفادة من منتخبات تشارك بلاعبيها المحليين، ولهذا فإن أي إضافات غير عملية وغير مجدية قد ترهق كاهل الدورة وتزيد من صعوباتها.
النقطة المهمة الأخيرة في هذا الصدد هو اجترار البحث عن اعتراف الفيفا بهذه البطولة وترديد كلام ليس له معنى أو صدقية، فالفيفا يعترف ويقدر ويهتم بدورة الخليج وبأي دورة تساهم في انتشار اللعبة وتطورها وليس أدل على اهتمام الفيفا بها سوى حضور رئيس الفيفا شخصيا لافتتاح هذه الدورة اعتبار من دورتها الثالثة بالكويت عام 1974 وحتى يومنا هذا بل إن الدورة لم تقم إلا بإذن خاص وموافقة من فيفا عام 1968.
ولكن الفيفا لا يضع أي بطولة في روزنامته لتفريغ اللاعبين الدوليين من أنديتهم إلا البطولات التي يشرف عليها مباشرة مثل كأس العالم وكأس القارات أو بطولة الأمم في الاتحادات القارية فقط حيث يفرغ اللاعبين الدوليين للمونديال 21 يوما ولكأس القارات وبطولة الأمم 14 يوما، وماعدا ذلك فليس الفيفا مسؤولا عنه، وبالتالي فليس من المجدي الحديث عن طلب اعتراف الفيفا بالبطولة، وما يحدث في الاتحادات الخليجية هو إيقاف البطولات المحلية وتفريغ اللاعبين المحترفين المحليين للمشاركة مع منتخبات بلدانهم.
بقي أن أشير إلى أن موعد الدورة الحالية التي تستضيفها الرياض نوفمبر القادم سيضر بشكل مباشر المنتخبات الخليجية المشاركة في كأس أمم آسيا في أستراليا 2015 لأن الفارق بينهما شهر ونصف الشهر تقريبا وكان الأجدى تقديم موعدها أو تأجيله، ولكن دعونا ننتظر ونرى ما سيحدث.