بعض الحقائق نعرفها جيداً، ومع ذلك نفرح حين نجد دليلا عليها من "البعيد" أو "الغريب"، لا لنزداد اطمئنانا، بل لنقنع غيرنا بشهادة "البعيد" و"الغريب"، وهي أقوى الأدلة لإقناع "الآخر" بحقيقتك بلسان غيرك.
وكتاب "لماذا تقتل يا زيد"؟ الذي أشرت إليه في المقال السابق أحد أقوى أدوات إقناعنا للغرب بحقيقتنا وحقيقة الإسلام، وحقيقتهم هم، برأيهم هم وليس بقولنا نحن.
أشرت إلى ما وصلت إليه قناعة عضو البرلمان الألماني الاتحادي والناطق باسم الحزب الديموقراطي المسيحي الدكتور يورجن تودينهوفر، في كتابه "لماذا تقتل يا زيد؟" الذي يحكي فيه القصة الحقيقية للمقاومة العراقية، بعدما اضطره تأليف الكتاب والبحث عن الحقيقة إلى الغوص في أعماق المقاومة والسفر خفية إلى العراق لقراءة أسباب الإرهاب، فكانت تلك الرحلة الفصل الأول من الكتاب.
وفي الفصل الثاني لخص تودينهوفر ما تعلمه من قراءاته الفكرية والتاريخية والدينية ورحلاته، في 10 فرضيات تعبر عن رؤيته الشخصية، وهي كالتالي:
الأولى: الغرب هو أكثر عنفاً من العالم الإسلامي: ملايين المدنيين كانوا ضحايا الحقبة الاستعمارية على العالم العربي.
الثانية: سياسات تجار الحروب الغربيين جعلت من غير المستغرب تزايد شعبية المتطرفين المنسوبين إلى الإسلام.
الثالثة: الإرهابيون المرتدون لعباءة الإسلام قتلة، والوصف نفسه ينطبق على القادة المتخفين بعباءة المسيحية، الذين يشنون الحروب العدوانية المنتهكة للقانون الدولي.
الرابعة: المسلمون ليسوا أقل تسامحا من اليهود والنصارى، كما كانت لهم مساهمة كبرى في الحضارة الغربية.
الخامسة: حب الله وحب الغير، تعاليم جوهرية في الكتاب المقدس، وهي في القرآن الكريم مبادئ أساسية أيضا.
السادسة: معاناة السياسة الغربية تجاه العالم الإسلامي سببها الجهل المريع لأبسط الحقائق.
السابعة: على الغرب معاملة العالم الإسلامي بعدالة وسخاء كما يعامل إسرائيل؛ فالمسلمون مثل اليهود والنصارى قيمة وأهمية.
الثامنة: على المسلمين الاقتداء بنبيهم محمد -عليه الصلاة والسلام- في العمل على نشر الإسلام الداعي إلى التقدم والتسامح، وعليهم أيضا حرمان الإرهابيين من استخدام قناع الدين.
التاسعة: لا شيء يغذي الإرهاب أكثر من حرب الغرب على الإرهاب. الحروب العدوانية ليست أكثر الأعمال خسة فحسب، وإنما هي الطريقة الأقل ذكاء في مواجهة الإرهاب.
العاشرة: المطلوب اليوم هو فن السياسة وليس فن الحرب، وبالذات في الصراع مع إيران، والصراع الدائر في العراق وفلسطين.