مشكلتنا مع القوانين والأنظمة الجديدة هي مشكلة تفسير وتبرير أو بصورة أدق: مشكلة شرح للمسببات والأهداف والنتائج التي كان من أجلها صدور النظام والقانون. أنا هنا أتحدث عن ردة الفعل المجتمعي الصاخبة تجاه نظام "ساند"، رغم أنني شخصياً معه وأشدد على تطبيقه، لأنني أنظر إليه من باب التكافل الاجتماعي الذي سيضمن لنسبة من بيننا لا بأس بها أن تضمن أمناً واستقراراً على حساب نسبة لا تذكر من مواردنا المالية الخاصة، ولكن، لا وزارة العمل ولا المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تفضلتا بشرح تأثير تطبيق النظام على الموظف، ولم تستطيعا أيضاً تبيان تأثيره على الشريحة المستهدفة.
باختصار: لم تبذل الجهتان المعنيتان أي خطوة اتصال لإقناع آلاف الموظفين بأن الضجة الهائلة والرفض العارم لا يستحقان كل هذا الهيجان ضد الأسباب والأهداف والتأثير والنتائج. لم تستطع هاتان الجهتان أن تشرحا للجمهور هذه الحقيقة الرقمية التالية من أرشيفهما الإحصائي: 75% من الموظفين على نظام التأمينات الاجتماعية يقبعون في سلم رواتب في القطاع الخاص يتراوح بين ثلاثة آلاف ريال إلى سبعة آلاف ريال في الشهر. هذا الرقم يعني بالضبط أن نسبة 1% المقترحة في نظام "ساند" ستقتطع من كل فرد بين هذه الشريحة الهائلة مبلغاً شهرياً ما بين "30 -70" ريالاً فقط في الشهر الواحد. وفي المقابل فإن هذا المبلغ الزهيد البسيط سيضمن استقراراً وظيفياً لما يقرب من 15% من المنتسبين إلى نظام التأمينات الاجتماعية التقاعدي وهي نسبة قد يكون فيها "أنت أو ابنك أو أحد أقربائك"، فور أن يفقد وظيفته. غياب الشرح والتفسير للأهداف والأسباب والنتائج هو من أوصل هذا "الساند" لأن يكون قصة مجتمعية مكتملة. هذا الغياب أدى لأن يوصم النظام بالجباية، رغم أن الوزارة والمؤسسة تعلمان أن نصف الموظفين على لائحتهما لن يدفعوا سوى أقل من خمسين ريالاً في الشهر. تحول النظام إلى "فتوى" بالتحريم، رغم أننا جميعاً نعرف أن حصة الاستقطاع التقاعدي من الراتب قانون إداري كوني يخضع دائماً للزيادة أو النقص.
باختصار أخير: فشلت الوزارة والمؤسسة في أن تقنعا آلاف الموظفين ولو عبر عبارة دعائية بسيطة تقول فيها: هذا المبلغ من أجل أمنك الوظيفي.