حين قرأت العنوان، تأكدت أن مؤتمر مؤسسة الفكر العربي القادم في مدينة "الصخيرات" المغربية هو الحوار السلمي الوحيد الذي عقده بنو يعرب، وبالورقة والقلم، بدلا من الرصاصة والبراميل المتفجرة التي صارت أمطارا في سماء المدن العربية بعيد كذبة "الجحيم" العربي.

والعنوان الذي أقصده هو مؤتمر "فكر 2014" عن "العرب: حلم الوحدة وواقع التقسيم".

أما الشطر الأول عن حلم الوحدة، فهو سراب، ولو أننا جمعنا ملايين الأوراق التي كتبت حوله منذ سبعة عقود لكان لها أن تغطي تماما مساحة أصغر دولة عربية.

حتى العنوان نفسه كان "براجماتيا" في كامل المنطق، وهو يتحدث عن الوحدة كحلم، وعن التقسيم كواقع ويقظة.

والجملة الأهم التي ستخرج بها، عزيزي القارئ، من هذا المقال ليست إلا أن "سايكس بيكو"، بمقاربة واقعنا، كانت أكثر شمولا ورحمة، وأوسع مثالية.

هنا أستأذن مؤسسة الفكر العربي أن تحذف نصف العنوان، وأن تناقش "الواقع"، ونحن الغارقون لنصف قرن في "الحلم".

أن تناقش كيف سيكون واقع التقسيم أقل جرحا وإيلاما، وأكثر إنسانية، وأدنى حربا وتصادمية.

وخذوها على مسؤوليتي: ستكون الجامعة العربية بعد عقد من الزمن مجرد متحف رسمي شكلي، وسيقرأ أطفالنا في مدارسهم العامة بعد العقدين القادمين خريطة لسانهم وقد انقسمت إلى 40 دولة.

هذه هي حتمية التاريخ وبراهين نظرية السياسية. الحتمية التاريخية وبراهين النظرية السياسية تقولان بوضوح: إن جمع الأديان والقوميات والمذاهب في خريطة موحدة مجرد طبطبة على جراح مدملة.

أسماء الدول العربية الحالية مجرد لزمة مؤقتة لنشرات الأخبار. العراق أربع دول، واليمن ثلاث في أقل الأحوال، سورية خمس دول، وليبيا ستة أشرطة، وكل شريط طويل يبحث عن نافذة على البحر المتوسط، جنوب لبنان سلطنة مستقلة تنتظر الإعلان منذ زمن.

كذبة الربيع العربي ليست بأكثر من دليل "واقع" على أن خارطتنا مجرد جراح مزمنة، وعلى الجامعة العربية

ومؤسسة الفكر العربي أن تعترفا بصراحة ووضوح أن اللسان واللغة مجرد أداتي تخاطب، ولا يشكلان علما ولا خريطة ولا أحلام وحدة.

مقترحي لفكر 2015: كيف سنعبر بسلام إلى هذا "الواقع" في مجتمع دموي؟