مناسبة اليوم الوطني لبلادنا المباركة؛ المملكة العربية السعودية ـ الخميس القادم ـ تعني لنا نحن أبناء هذا الوطن شيئا كثيرا. وللتاريخ أذكر أن هذا الحدث يعود إلى يوم الأحد 17/5/1351هـ = 19/9/1932م، اليوم الذي أصدر فيه جلالة الملك عبدالعزيز بن الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود ـ رحمهم الله ـ مرسومه الملكي رقم 2716، والقاضي بتوحيد أجزاء البلاد، وجمع مختلف العباد، اعتبارا من يوم الخميس الأول من برج الميزان =21/5/1351هـ = 23/9/1932م ـ فصار هذا التاريخ تسجيلا لذكرى إقامة المملكة العربية السعودية، وتتويجا لعملٍ بطولي قام به جلالة الملك المؤسس، ما كان ليكون لولا أمورٌ كثيرة، في مقدمتها الإجابة الإلهية لأدعيته الصادقة ـ يرحمه الله ـ التي اختارها وضمنها في كتيبه الخاص (الوِرد المصفى المختار من كلام الله تعالى وكلام سيد الأبرار)، ومنها :"رب أعني ولا تعن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ.. اللهم كما بعثت فينا محمدا صلى الله عليه وسلم فاعمر منازلنا، ولا تؤاخذنا بسوء فعالنا.. اللهم عجل لأوليائك الفرج والعافية، وزد لي في حياتي.. استدفعت الشر كله بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله، وأرضيك بجهدي كله.. اللهم حنن عليَّ عبادك وإماءك، وأغنني عن شرار عبادك.. يا مغيث أغثني.. اللهم حسبي من سؤالي علمك بحالي.. اللهم لا تقطع رجائي وبلغني الأماني واكفني الأعادي.. يا لطيف يا لطيف يا لطيف ألطف بي بلطفك الخفي.. اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وولدي.. أسألك بحقك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك أن تجعل أوقاتي بالليل والنهار بذكرك معمورة، وبخدمتك موصولة".
إن حدث اليوم الوطني، وغيره من الأحداث التي تمر بنا فيها خير كبير، إذ بها نتباحث ونكتب ونقرأ عن أسباب قوتنا الحقيقية، وفي مقدمتها قوة الإيمان، وقوة الوحدة، وقوة الارتباط، وقوة الصلاح والاستقامة، وقوة التضرع والدعاء. وكل قوة من هذه القوى لها فوائدها التي يعرفها من جربها، فقوة الإيمان مثلا تبعث في النفس الأمل، وقوة الوحدة تذيب كل الفوارق، وقوة الارتباط هي الجامعة للقلوب قبل العقول، أما قوة الصلاح والاستقامة والتضرع والدعاء فهي التي يقرب الله ـ سبحانه وتعالى ـ بها كل شيء بعيد، وييسر بها كل أمر عسير.
جرى في عرف الناس احتفاؤهم بالذكريات التاريخية ـ الدينية والدنيوية ـ وهو أمرٌ عادي لا صلة له أبدا بالتشريع الحكمي، ولا يوصف بأنه مشروع أو سنة، كما أنه ليس معارضا لأصل من أصول الدين. فالخطر يكمن في اعتقاد مشروعية ما ليس بمشروع. وهذه الأمور العادية العرفية غاية ما يقال فيها إنها محبوبة لدى الشارع الحكيم أو مبغوضة، وعند العقلاء هي محبوبة، ولابد من استثمارها، خاصة أننا من خلال الاحتفاء بها لا نعظم أو نؤله الحوادث، إنما نعظم خالقها جل وعلا.
اليوم الوطني فرصة لتحقيق الانتماء للدين والمليك والبلاد، والاحتفاء بهذه الفرصة خير آلية لتنفيذ فكرة (الوحدة الوطنية)، التي يعاديها المغردون خارج السرب، والسابحون ضد التيار، بغض النظر عن أفكارهم أو حتى معتقداتهم. بلادنا الغالية ومستقبلها في حاجة لفرحٍ جماعي، نجدد من خلاله الانتماء والحب للتاريخ ورمزيته، فرحٍ يشعر فيه الناس بقيمة المناسبة، فرحٍ رصين ليس فيه إلا (ثقافة الفرح)، فرحٍ خال من كل منغص أو مكدر. وكل عام وبلادي في علو، ومليكنا وحكومتنا في زُهو، وأنا وأنتم متعاهدون على (الصدق) و(الأمانة) و(الإخلاص).