يعاني أكثر من مليون شخص في العالم من مرض تصلب الأعصاب المتعدد ويزداد عددهم بالابتعاد عن منطقة خط الاستواء، ويعرف المرض بإصابته للجهاز العصبي المركزي، حيث يفقد المصاب القدرة على التحكم بالأعصاب.

وعن المرض يقول استشاري المخ والأعصاب الدكتور صبري عبدالدايم، إن الخلايا العصبية تتميز في الدماغ بأن لها امتدادا إسطواني الشكل يسمى المحور العصبي، ويغلف هذا المحور ويحميه غطاء عازل، وإذا ما تعرض هذا الغلاف الدهني إلى أي عارض، فإن المحور العصبي سيكون مكشوفا ومن دون مادة تحميه من أي مؤثر خارجي، وتنتج الغلاف الدهني خلايا متخصصة في الدماغ، وإذا ما التهبت هذه الخلايا فإنها تتوقف عن إنتاج المادة الدهنية، وبالتالي فإن العصب يبقى عاريا من دون حماية ويتأثر وظيفيا نتيجة لذلك، ويتوقف الجهاز العصبي عند ذلك عن استقبال أو إرسال الأوامر العصبية وتتعطل وظائف الجسم.

وأكد الدكتور صبري أن مرض التصلب العصبي المتعدد يسبب أعراضا تختلف حسب شدة وتفاقم المرض ابتداء من تخدر في الأنامل، وانتهاء بالشلل الكلي، وقد يصاب المريض بالعمى وتتعطل وظائف الكلية والمثانة، وتتميز حالة التصلب العصبي المتكرر بأن آثار المرض تختفي في بعض الأحيان لتعود مرة ثانية، ومع كل انتكاسة يحصل المزيد من التلف للأعصاب.

أما الحالات الأخرى للمرض فهي تدهور الحالة الصحية بصورة مستمرة وتتميز بأن أيا من وظائف الجسم التي تفقد لا يمكن استعادتها.

ووضح استشاري المخ والأعصاب أن تشخيص مرض التصلب المتعدد يأخذ مدة طويلة ويحتاج إلى فحوص دقيقة حتى يتم تشخيصه، فإذا كان المريض يعاني من أعراض المرض لمدة طويلة وعلى مدى سنوات فقد يكون التشخيص أسهل من أن يكون المريض قد بدا الإحساس بالأعراض حديثا وفي مرحلة البداية وتشخيص المرض لا يكون عشوائيا، فإذا كان المريض قد عانى من الأعراض أو قد دخل في مراحل التدهور فقد يكون التشخيص أكثر دقة ولسوء حظ تصل أقلية من الناس إلى 10%، وهي نسبة مهمة يتعذر تشخيص مرض التصلب العصبي المتعدد بشكل محدد حتى بعد إجراء كل الفحوصات والتحاليل المتاحة، ولكنه يمكن استثناء الأمراض التي تعطي أعراضا شبيهة بأعراض مرض التصلب المتعدد، وبمرور الوقت ومع الفحوصات الدورية ومراقبة التغيرات التي تطرأ على حالة المريض فإن تشخيص مرض التصلب المتعدد يصبح ممكنا في أغلب الحالات.

ولتحديد المرض وتشخيصه لا بد للمريض أن يمر بفحوصات دقيقة منها:

1- تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي:

عبارة عن مجال مغناطيسي قوي يسلط على المخ والحبل الشوكي حتى يوضح الخلل في المنطقة البيضاء في المخ وللأسف الشديد أن هذا النوع من الأشعة لا تساعد على معرفة تطور الحالة ولكنها تساعد على تشخيص المرض بدقة عالية.

2- فحص عينة من الحبل الشوكي:

وهو عبارة عن أخذ عينة من السائل المحيط بالحبل الشوكي والمخ عن طريق إبرة في الظهر تحت تخدير موضعي، وهذا الفحص يوضح إذا ما كان التهاب قد أصاب بعض الخلايا ونادرا ما يشتكي المريض عند القيام بهذا الفحص بالصداع أو الدوخة وعادة ما يتلاشى ذلك بعد ساعات أو أيام قليلة، وطبيب الأعصاب سوف يشخّص مرض التصلب العصبي المتعدد عن طريق المزج بين ملاحظة أعراض المرض واستثناء احتمالات أخرى وهذا يسمى تشخيص سريري إكلينيكي.

وأضاف عبدالدايم أن أسباب الإصابة بالمرض أسباب أولية متعددة وقد تكون نتيجة لالتهاب فيروسي أو لوجود مورثات معينة أو الاثنين في وقت واحد، ومن نتائج هذا تأثر المناعة الذاتية للجسم، حيث إن التهاب مناطق في الدماغ يؤدي إلى محاربة الخلايا المنتجة للخلايا المكونة لمادة المايلين المغلفة لمحاور الخلايا العصبية للدماغ ويتوقف إنتاج هذا الغطاء وتبدأ المرحلة الأولى من الإصابة بالمرض، والغالبية من المصابين بهذه الحالة يعانون من التصلب العصبي المتكرر، حيث تظهر لديهم الأعراض ومن ثم تختفي لتظهر مرة ثانية. وقد يتم شفاؤهم مع التقدم بالعمر وقد يكون ذلك بدون علاج.

وأكد الدكتور صبري أن أحدث أنواع العلاجات هو استخدام مادة الأنتيرفيرون التي يفرزها الجسم بصورة طبيعية عند التعرض للفيروسات، والنوع الذي يفيد في التصلب العصبي هو الأنتيرفيرون بيتا، حيث وجد أنه يؤدي إلى تقلص النوبات المتكررة إلى الثلث، كما أنه يؤدي إلى التخفيف من شدة الأزمة عند حدوثها وتقل الحاجة إلى زيارة المستشفى، كما أن العلاج قد ساعد في الحد من تطور الحالات، كما أنه أدى إلى تقليص عدد المناطق المصابة في الدماغ.

وشدد عبدالدايم أن العلاج له أعراض جانبية وأكثرها شيوعا الشعور بالتعب وارتفاع درجة حرارة الجسم بصورة طفيفة، خاصة في بداية العلاج، إضافة إلى احتمال التهاب الجلد في المنطقة التي يتم فيها تعاطي الحقن وقد يؤدي في حالات قليلة إلى الشعور بالكآبة، وغير أن أهم هذه الأعراض الجانبية هي تطور في الجهاز المناعي مع تكرار العلاج على أمد بعيد وتكوين الأجسام المضادة ضد العقار، حيث تبطل مفعوله وبهذا ترجع أعراض المرض كسابق عهدها.