سجلت المرأة السعودية حضوراً فاعلاً على خريطة العمل السياسي وعملية اتخاذ القرار في المملكة، وذلك منذ أن طرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ثقته الكريمة فيها، مفعلة بقرارين تاريخيين أصدرهما في يناير 2013.

دور المرأة ودخولها مجلس الشورى كعضو كامل العضوية والموافقة على مشاركتها في المجالس البلدية ناخبة ومنتخبة، أشادت به العديد من المنظمات الدولية وخاصة الأمم المتحدة، ممثلة في الاتحاد البرلماني الدولي أعلى قبة برلمانية دولية.

واحتلت المملكة بهذه الخطوات التاريخية وبما تتمتع به من ممارسة متدرجة في التطور البرلماني، مرتبة مرموقة على مستوى دول في العالم تتمتع بتاريخ برلماني عريق، فيما يتعلق بالتمثيل النسوي في البرلمانات، لتصبح الأولى خليجيا والسادسة عربياً والثمانين على مستوى العالم، متقدمة على الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإيرلندا والهند والبرازيل.

30 إمرأة يمثلن النخبة النسوية في المجتمع السعودي في شتى المجالات دخلن القبة الأندلسية في مجلس الشورى، وأعينهن ترقب المستقبل بمشاركة فاعلة في مسيرة التنمية ودعم حضور المرأة، وذلك من بعد تلاوة الملك لقراره في افتتاح أعمال السنة الثالثة للدورة الخامسة لمجلس الشورى.

عضوات الشورى أمضين السنة الأولى من جلوسهن على المقاعد الرقابية والتشريعية في بداية الدورة السادسة، يتلمسن الخطوات ويكتشفن المسارات، إلى أن بدأن حضوراً فاعلاً فيما تشهده القبة من مداولات ومناقشات حول تقارير الأداء السنوي للجهات الحكومية وفي مدارسة الاتفاقيات الدولية للدولة، والأنظمة واللوائح.

ويعكف حالياً عدد من عضوات المجلس على تنفيذ توجه يتمثل في معالجة معظم أنظمة الدولة السارية التي تمس مصالح المرأة لتكون مشتملة على حقوقها، والسعي لاقتراح الجديد ليتماشى مع مصالح المرأة. ومن المنتظر أن تطرح عضوات الشورى عددا من الموضوعات الساخنة، بدءاً بالعمل على إدخال تعديلات واسعة في عدد من الأنظمة، إلى جانب اقتراحات سيقدمنها، مستثمرات في ذلك ما تخوله لهن المادة 23 من نظام مجلس الشورى.

ومن تلك الأنظمة نظام الأحوال المدنية، والجوازات ووثائق السفر، إضافة إلى الأنظمة المتعلقة بالشأن المالي والاستثماري، بشكل يجعلها مجسدة لحقوق المرأة ومصالحها في المجتمع.

ولم تكتف عضوة الشورى بدراسة ما له علاقة بالمرأة أو الأسرة، إنما تعددت مشاركاتها الفاعلة لتشمل مختلف المجالات إما عبر مداخلاتها أو توصياتها الإضافية التي تقدمها على التقارير السنوية، وإما بما تقترحه، لتشمل الشأن البيئي والصحي والطبي والاجتماعي والتربوي والديني.

ومن بين ما قدمته عضوات المجلس وينتظر أن يناقشه المجلس تحت قبته قريباً، مقترح عضو المجلس الدكتورة لبنى الأنصاري والمتمثل في نظام البحث العلمي الصحي الوطني الذي يتوقع الخبراء بأن يكون نظاماً مؤثراً على مجال الصحة والطب، وسيكون أول نظام تقدمه عضوة شورية، وفقاً للمادة 23 من نظام المجلس.

كما داخلت في أكثر من مرة الدكتورة الأنصاري فيما يتعلق بمواجهة عدوى "كورونا"، بجانب ذلك مقترح آخر يهدف إلى تعديل نظام رعاية المعوقين والذي سيمهد كثيراً تفعيل المجلس الأعلى لرعاية المعوقين ليضم ممثلين عن الجهات والوزارات ذات العلاقة.

إضافة إلى ذلك ما تقدمت به الدكتورة وفاء طيبة كتوصية إضافية على تقرير وزارة الصحة وتمت الموافقة عليها وتتعلق بالرعاية الصحية للمسنين، حيث تدعم التوصية فتح مراكز خاصة تقدم خدمات الرعاية الصحية للمسنين.

إلى جانب ذلك، توصية أخرى نجحت فيها الدكتورة طيبة أنصفت المرأة في شروط قرض الصندوق العقاري ومساواتها بالرجل في المواطنة بجميع شروط الحصول على قرض، كالسن والحالة الاجتماعية وخلافه.

وتجاوزت مشاركات المرأة الشورية الشأن الطبي والصحي إلى التربوي بمداخلة للدكتورة لطيفة الشعلان، دعت من خلالها وزير التربية والتعليم لحضور المجلس لمناقشة وضع المنهج الخفي المتعلق بسعي البعض لتوجيه المجتمع، مستغلين مناهج التعليم والتدريس.

وكذلك ما أوصت به الدكتورة أمل الشامان حول إقرار إدخال الرياضة في مدارس البنات، ومطالبة الدكتورة حنان الأحمدي بتفعيل دور القانونين، لتنجح الدكتورة زينب أبوطالب في تجاوز ذلك كله بمناقشة وضع رئاسة الحرمين الشريفين وقصور أدائها والتي دعت في طرح لها بإعداد استراتيجية متكاملة لرعاية الحرمين الشريفين بشكل ملزم ومحدد وتوظيف الحلول التقنية فيما يتعلق بترجمة الخطب والصلوات، الأمر الذي عكس تنوع جهود المرأة الشورية تحت قبة المجلس لتتضمن مختلف المجالات والقطاعات وهو ما يحسب لها منذ دخولها المجلس.

وحققت المرأة على صعيد العمل البرلماني الكثير من الإنجازات، فخلافاً لمشاركتها فيما يدرسه المجلس وما يدور في لجانه من موضوعات، فهي تشارك بفاعلية مع وفود المجلس في مختلف الاجتماعات والمؤتمرات الخارجية البرلمانية بتقديم أوراق عمل وأبحاث فيما يتعلق بحقوق المرأة وشؤونها.

وتضم وفود المجلس الخارجية في إطار العملية الدبلوماسية البرلمانية التي يقوم بها المجلس، العديد من عضوات المجلس، كما تضم مشاركاته البرلمانية في الاتحادات والمنظمات والمنتديات البرلمانية الدولية والإقليمية والقارية ولا سيما الاتحاد البرلماني الدولي، عددا من العضوات يمثلنه في لجان تلك المشاركات الدورية.

وعد مختصون مهتمون بالشأن البرلماني والشوري في المملكة دخول المرأة عضواً في مجلس الشورى خطوة قيادية رائدة تأتي في سياق منظومة الإصلاح والتحديث التي تتصدى لها المملكة، على مستوى المجتمع والدولة.