في عام 2001 ألقى غازي القصيبي محاضرة في كلية القيادة والأركان السعودية بعنوان "هل ينقرض الدبلوماسيون في حقبة العولمة؟"، ثم نشرت في كتيب المجلة العربية عام 2004، وتناولت محاضرة القصيبي فكرة انقراض الدبلوماسيين مشيراً إلى التحديات التي تواجهها الدبلوماسية آنذاك، وهي: "تآكل مفهوم السيادة" و"تعدد اللاعبين بالساحة الدولية" و"ثورة الاتصالات والمعلومات" و"التخصيص" و"التحدي الإعلامي".

وقال القصيبي آنذاك – قبل 13 عاماً- عندما تطرق إلى التحدي الخامس الذي يواجه الدبلوماسية "الإعلام": إن مشكلة دول العالم الثالث أنها لم تستوعب ثلاث حقائق رئيسة من حقائق الإعلام المعاصر.

الحقيقة الأولى: أن هذا الإعلام في مجمله أصبح تجارياً محضاً لا تمارس الحكومات أي تأثير عليه. ولا يزال سفراء العالم الثالث يحتجون برتابة قاتلة لدى وزارات الخارجية على ما تنشره وسائل الإعلام الغربية، وهي جهود ضائعة وتعطي انطباعاً عن عقلية متخلفة لا تستطيع مجاراة العصر، والحكومات الغربية هي الضحية الأولى للإعلام الغربي، ومن المضحك المبكي أن تجد سفراء يطلبون من هذه الحكومات حماية دولهم من الإعلام.

والحقيقة الثانية: أن وسائل الإعلام لا تريد سوى شيء واحد هو "المعلومة" في وقتها. وأن الأساليب الإعلامية التقليدية مثل إصدار الكتيبات الملونة واستئجار صفحات بمناسبات وطنية ودعوة الصحفيين لحضور الافتتاحات والحفلات أصبحت مجهوداً عقيماً.

وقال: إن المشكلة التي تواجه دبلوماسيي العالم الثالث أنهم لا يملكون الشيء الوحيد الذي يريده الإعلام "المعلومة"، وكثير من السفراء لا يستطيعون الحديث مع وسائل الإعلام إلا بإذن وعندما يصل هذا الإذن عبر التسلسل الإداري يكون الموضوع قد أصبح في ذمة النسيان..!

والحقيقة الثالثة: أن الإعلام المعاصر يتجه يوماً بعد يوم إلى الإثارة، والإثارة تعني البحث عن الفضائح والتنقيب عن العيوب واعتماد أسلوب النقد اللاذع، وحتى وسائل الإعلام الغربية الرصينة تجد نفسها مدفوعة تحت ضغط المنافسة إلى المشي في هذا الاتجاه.

وقال: إن حكومات العالم الثالث التي تعودت على إعلامها المُدجّن تجد من الصعب عليها أن تفهم إعلاماً يعيش على كشف العورات وتتبع المثالب.

وأشار إلى أن الحكومات التي تريد لها صوتاً مسموعاً، عليها أن تقبل هذا الإعلام على علاته، بخيره وشره.

(بين قوسين)

محاضرة "هل ينقرض الدبلوماسيون؟" التي ألقاها غازي القصيبي عام 2001 صالحة لتكرارها في هذا الوقت..!