مساء الاثنين الماضي، كنت أحد المنصتين إلى حديث طويل ومهم لأمير تبوك فهد بن سلطان، الذي جاء في سياق كلمة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة، ولفت انتباهي في حديث الأمير قوله: إن الجماعات الإرهابية قائمة على الموت، ولا تملك مشروع حياة، وإن مهمة التصدي لها وكشف حقيقتها يجب أن يقوم بها الجميع، كل في مجاله.

أتفق تماما مع أهمية كشف حقيقة الجماعات المقاتلة، وتفنيد أفكارها، كما فعل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ عام 1420 مع الجماعة المقاتلة في الجزائر، وحواره الطويل معهم وتفنيد أفكارهم.

ولكن القضية هنا ليست في التصدي وكشف الحقيقة وحسب، بل في القدرة على الإقناع وكشف الضلال وتصحيح الأفكار، وهذا يفترض التمكن من مهارات الحوار والإقناع التي أجادها الشيخ "ابن عثيمين" في نقاشه مع الجزائريين وتمسكه بسماحة الدين وحسن المجادلة التي تمهد لقبول الحق ومراجعة الشبهات.

ممارسة الإقناع تتطلب حسن الحوار، والله سبحانه وتعالى أمر نبيه الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرفق واللين في مجادلة الخصوم، وكذلك الأمر لموسى وهارون ـ عليهما السلام ـ في شأن فرعون.

حاليا، يوجد معظم الشباب في "تويتر"، وهناك يتم تبادل الأفكار والحوارات. وللأسف معظم العلماء المعتبرين لا يوجدون في تلك الساحات. فيما حل مكانهم بعض السفهاء الذي لا يجيدون إلا المراء والاستفزاز وتوزيع الشتائم وإيغار الصدور على هذه البلاد وقادتها.

في جانب آخر، أتساءل فعلا عن الدور الذي تقوم به "حملة السكينة" وهي تتحول من وظيفة مناقشة ومعالجة الأفكار المتطرفة؛ إلى وظيفة أخرى مختلفة تماما وهي تكرر الإعلان عن رصدها لحسابات ووسوم إرهابية، تلك المهمة التي تختص بها جهات أمنية قادرة على إنجازها.

الخلاصة؛ مواجهة مشروع الموت الذي تقدمه الجماعات الإرهابية يستوجب إعادة النظر في الآلية المتبعة حاليا، والاستعانة بمتخصصين في الجوانب النفسية والاجتماعية، إضافة إلى الجوانب الشرعية، وقبل كل ذلك متمكنين من مهارات الحوار والإقناع.