على صفحة المديرية العامة للمياه بمنطقة جازان، بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" - وهي بالمناسبة صفحة تحتاج إلى إدارة محترفة جيدة، لا تنشر أخبار توزيع عبوات الماء على عمال النظافة، أو أخبار الوفيات....وغيرها - نقرأ الكثير من المنشورات على شاكلة؛ دشن، افتتح، تم ضخ، تم إنجاز..، ونطالع في بعض مواقع الصحف الإلكترونية تصريحات للمسؤول الأول في المديرية العامة للمياه بالمنطقة، والذي يحظى باحترام الأهالي في جازان، سعادة المهندس "حمزة قناعي، كتصريحه: "750 مليون ريال قيمة المشروعات الجديدة بجازان"، و"تم الانتهاء من 27 مشروعاً بقيمة بلغت أكثر من 466 مليونا"، وكثير من التصريحات التي تتحدث بأرقام فلكية عن الخطط والمشاريع، إلا أن المفارقة تتمثل في تذمر كثير من المواطنين في مختلف المحافظات والمدن بالمنطقة، من انقطاع المياه المتكرر لفترات طويلة عن منازلهم ومشاريعهم!
فكيف يظمأ أهل بئر الماء، وتحت أقدامهم العشرات من أنهار المياه الجوفية؟!
فجازان هي خزان الماء الجنوبي الضخم، وأين ما ضربت بمعول تفجر الماء، لكنها، ومع كل هذا، تظمأ أحياناً بطريقة تثير الدهشة والاستغراب يا معالي وزير الكهرباء والمياه!
يحدث هذا على الرغم من أن محطة تحلية المياه بالشقيق، لها من القدرة التشغيلية ما يمكنها من تغطية منطقتي عسير وجازان معاً، حسب تصريحات المتحدث الرسمي باسم المؤسسة العامة لتحلية المياه بجازان للصحف، لكن مقام وزارة الكهرباء والمياه على ما يبدو، والتي سبق أن أوقفت عام 2011 التوسعة الثالثة لمحطة تحلية مياه الشقيق! لا تفضل عمل المحطة بالمستوى التشغيلي الكامل، لتغطية العجز الذي يتحمل نتائجه السلبية أهالي جازان، وتؤيد بدلاً من ذلك خيارات تشغيلها بطاقات غير ثابته، وبقسمة توزيع غير عادلة أحياناً، تحصل منطقة جازان بموجبها على نسب (غير ثابتة) من إنتاج المحطة اليومي، لا تغطي حاجتها، مما يتسبب في حدوث أزمة مياه حادة من وقت لآخر بالمنطقة، وهذه آلية توزيع تثير علامات استفهام كبيرة ومنطقية، خاصة إذا ما عرفنا أن منطقة جازان على الرغم من صغر مساحتها، إلا أنها تُعد سادس منطقه من حيث الكثافة السكانية على مستوى المملكة العربية السعودية، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من (مليون ونصف المليون) تقريباً، ويزداد العدد سنوياً بواقع (3.8%)، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة لأشهر عديدة من السنة، وفكرة تعويض هذا النقص بالاعتماد على الحلول البديلة المطروحة حالياً، كتلك المتمثلة في محاولة الاستفادة من مخزون المياه (الراكدة)، التي يحتجزها سد وادي بيش، لا تبدو فكرة محل ترحيب، بل مرفوضة على نطاق واسع في جازان، فالحديث المتداول بين أهالي المنطقة، استناداً إلى عدد من التقارير الصحفية المنشورة، أبرزها ما نشرته صحيفة "سبق" بتاريخ 11 جمادى الثانية 1435هـ، الموافق 11 /4 /2014، والذي أقتبس بعض ما جاء فيه حرفياً: "...وعلمت (سبق) أن خبراء من محطة تحلية الشقيق توجهوا لسد وادي بيش لقياس مستوى صلاحية المياه، ووصلت نسبتها إلى درجة 1 بمقاييسهم المعينة، مؤكدين أن هذه النسبة غير صالحة للاستخدام الآدمي كلياً، خصوصاً بعد أن عثرت الجهات الأمنية على جثث كثيرة للآدميين في السد ويتم استخراجها، في حين أن جثث الحيوانات التي لا تستخرج تنتج بكتيريا وجراثيم لن تستطيع محطة التنقية علاجها، بحيث لا تتوفر فيها إمكانية إضافة الكلور، كما هي في محطة تحلية الشقيق ومواد أخرى كيميائية لتنظيفها، ولن تصل جودتها لما تصل إليه المحطة".
الواقع أن الوارد في التقرير خطير جداً، ويدعم الحديث المتداول، من أن ارتفاع نسبة تلوث مياه السد بوضعها الحالي، عالية وخطرة جداً بمقاييس التلوث المائي العالمية، وهذا يعني أنها مياه غير صالحة نهائياً لا للشرب ولا للاستحمام حتى، وأن هذه النسب من التلوث وإن تم خفضها بعد التنقية إلى (1%) فقط، -وهو أقصى ما تستطيع إنجازه أجهزة التنقية (الضعيفة) بالسد-، يرجح الاحتمال بظهور حالات التسمم، والأمراض المعوية أو الجلدية، التي قد يتسبب فيها استخدام تلك المياه (الراكدة) فيما لو تم ضخها، وهنا وفي هذا الجانب تحديداً، فإنه لا بديل عن الشفافية الكاملة من قِبل الوزارة والمديرية العامة للمياه بجازان، فالأمر هنا متعلق بحياة وصحة الإنسان وسلامته، فهو الركن الرئيسي الأول في كل المجتمعات الإنسانية.
يا وزير الكهرباء والمياه، إن لجازان شريطاً ساحلياً على البحر الأحمر يمتد لمسافة (330 كم) تقريباً، من شاطئ الشقيق شمالاً إلى شاطئ الموسم جنوباً، ومحطة تحلية جديدة مستقلة لتغطية حاجتها المتزايدة من المياه سيكون حلاً ناجعاً وجذرياً لا محالة، وسيتكفل بفك الاختناق وأزمات الانقطاعات المتكررة، فجازان بمقدراتها وثرواتها المائية الطبيعية، وتركيبها الجيولوجي، وكثافتها السكانية، ومستقبل الطفرة الاقتصادية التي تعيشها، في ظل التصاعد التنموي السريع، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله-، وبمتابعة أمير تنميتها النوعي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر -حفظه الله- تستحق ذلك كما أعتقد، والوزارة قادرة على تنفيذ ما هو أكثر من توسعة محطة تحلية، أو تنفيذ مشروع محطة تحلية إقليمية تكفي الحاجة.