حل أزمة "البطالة" يحتاج إلى أمرين: الأول هو رضا المواطن بالأجور المتاحة في سوق العمل والانخراط فيه حتى يكتسب الخبرة اللازمة التي تؤهله لأخذ مكان الأجنبي، والثاني تدخل الحكومة لدعم الأجور أو المعيشة والسكن حتى توفر الأجور المتاحة في القطاع الخاص حياة كريمة للمواطن.

ولأننا لا نستطيع إجبار الدولة على دعم السكن والمعيشة ولا نستطيع الانتظار حتى تُحل أزمة التعليم، إذاً فالحل هو أن نضيء شمعة بدلاً من لعن الظلام وأن نتقبل الوضع الراهن ونتقبل العمل بأجور متواضعة.

الاقتصاد يحتاج إلى الأجانب لأن العيب أساساً موجود في "العامل السعودي" وسبب ذلك هو الخلل القديم في التعليم والثقافة والاستراتيجيات الاقتصادية.

هناك قلائل فهموا هذا الوضع جيداً على رأسهم الدكتور غازي القصيبي الذي عجز عن إصلاح الخلل القديم الذي يعاني منه النظام الاقتصادي والذي أدى إلى تفاقم البطالة، لأن الخلل كان كبيراً ولأن الإعلام لم يساعده، ولهذا اتجه إلى تشجيع الناس على العمل في الوظائف الدنيا.

لا يمكن للقطاع الخاص النهوض بالسعودة بدون خسائر في الإنتاجية والدخل بسبب ارتفاع تكاليف توظيف الشباب السعودي وقلة خبراتهم.

ولا يمكن لبقالة صغيرة أن تكسب وهي توظف سعوديا بخمسة آلاف ريال وتوفر تأمينا طبيا له ولأسرته ونفس الأمر ينطبق على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وهناك من يقول إن العمالة الأجنبية "الرخيصة" هي السبب، ولكن عدم تقبل العامل السعودي غير المؤهل للأجور الحالية هو سبب وجود الأجانب.

كما أن عدد الأجانب ارتفع لأن الدولة تريد أن تلبي رغبات المواطنين في توفير بنية تحتية أفضل.

لكن المواطن ينسى أنه حتى نجهز كل هذه المشاريع بسرعة يجب أن نجد من ينفذها بسرعة وهذا معناه ملايين التأشيرات للأجانب الذين أمضوا عشرات ومئات السنين يعملون على تطوير بناهم التحتية حتى أصبحوا خبراء فيها. لو زاحم كل شبابنا الأجانب في سوق العمل واكتسبوا الخبرة اللازمة، لاحتجنا إلى خمس سنوات حتى نغطي احتياجنا من كل الوظائف الدنيا والعليا في القطاع الخاص. بعدها سيحتكر السعوديون سوق العمل وسيضطر الكل إلى رفع الأجور بل وسيتسابقون على إغراء الشباب المؤهل خاصة وأنه سيساهم في رفع ربحية الشركات. وأنظروا كيف تتقاتل البنوك اليوم على الشباب السعودي المؤهل لأن تكلفته لا تزيد عن تكلفة الأجانب المؤهلين في نفس المجال ويعطون نفس إنتاجيتهم.

هذا ما تمناه القصيبي ولم يحققه لأن المواطنين "غير المؤهلين" لم يتفهموه، وأنصاف الكتاب في الإعلام "غير المنصف" أحبطوه في حياته وتغنوا على فكره بعد مماته.