منذ بدء الثورات العربية. اقتحمها نوع واسع من مستخدمي الإنترنت من السعوديين، ومع أي حدث ببلد كانوا أمام أجهزتهم الشخصية، يقدمون تحليلاتهم في الثورات والديموقراطية، ويسجلون نصائحهم للشعوب الأخرى في تقرير مصائرهم.
30 يونيو المصرية كانت انقساما حادا في مواقف هؤلاء السعوديين. انفلتت حفلات الشتم. "انقلابي، إخواني، كافر، خائن.. إلخ". ليس المصريون من أتحدث عنهم، بل هذا النوع من السعوديين.
في 30 يونيو كتب الشاعر أحمد نجم، رحمه الله، على حسابه في تويتر بظرافة ما معناه؛ سنترك للسعوديين التحليل.
نعم تتأثر الشعوب بما يحدث لبعضها، من الطبيعي أن يقوم التعبير والاختلاف. ما ليس طبيعيا هو ذلك الكامن في تعبيرات هذا الصنف من السعوديين، شعورهم الخفي بأنهم محور ما يحدث في أنحاء الكوكب، أحقيتهم في الحديث عن مصائر الشعوب، ككفيل عصابي، تعاديهم السافر، فيما يخصهم ولا يخصهم. ما ليس طبيعيا أن يكون هؤلاء، هم نفسهم من يتبنى صورا رهيبة للاستبداد وهضم الحقوق والفساد في سلوكهم الشخصي. هذا الذي يطير بصور السجينات في مصر ويرسل لصديقه، في الاستراحة "يا انقلابي"، هو نفسه الذي يتوعد أمه وأخته وزوجته بكسر يدها قبل أن تقود سيارة، الذي يضع شعار رابعة العدوية هو نفسه الذي يكفر الصوفية!.
عزيزي العربي أينما كنت، هذا هو النوع من "السعودي" الذي يخول لنفسه الحديث عن مصيرك. وقد يتأثر بخطبة أو تغريدة عن النفير والخلافة، فيتسلل إلى بلادك، محملا بشوهه النفسي، كي يقتلك.
اليوم، الحرب قائمة بين المحتل الصهيوني، والفلسطينيين بغزة. في نزاعنا العربي مع إسرائيل، يحدث ما يحدث الآن. فلسطين وفي هذا التوقيت، تتراجع في قاموس المواجهة!. الحروب تصنع لغة وخطابا خطرا دوما.
الفخ البعيد.. إسرائيل هي إسرائيل، لكن فلسطين تمحى هذه المرة من صيغة وجودها في وجدان اللغة. اللغة يد التاريخ ولسانه. إنها المرة الأكثر انطلاء وغشا، تبقى إسرائيل طرفا في الحرب والاحتلال، وتختفي فلسطين. من أراد هذا!.
لنتحدث عن هذا النوع من السعوديين وتعاطيهم مع الحرب. إليكم هذه الصدمة؛ نعم هذا النوع المتفشي، بسلوكياته وتمثلاتها للاستبداد، يسجلون قوائم سعودية للعار! أنشؤوا لها هاشتاقات وصفحات في تويتر والفيسبوك. وضعوا فيها مثلا؛ تركي الحمد ومحمد علي المحمود وأحمد عدنان وآخرين. كلهم كُتاب ولا يشغلون مناصب رسمية، لم يستقبلوا الإسرائيليين في إسطنبول والدوحة. لقد كتبوا رأيا فقط، وبالمناسبة دانوا جرائم إسرائيل، وتألموا على الدم الفلسطيني، وتساءلوا عن تصرف حماس، وبدلا من عدّها آراء، تُجتزأ عبارة من هنا أو هناك، ثم يُرمى المقال وصاحبه بوصمة جديدة؛ "الصَهينة"!.
هذه العصابية المزمنة، الاجتزاء والكذب والكيد.. هو العار، تمزيق المجتمع وخلخلته هو عار العار.