رحم الله البسمة العربية الصافية المسماة "سعيد صالح"، مرسي ابن المعلم زناتي الذي هزمه المرض، بعد معركة طويلة غير متكافئة، وقد سعدت بأن كانت لي تجربة مع هذا العملاق في مسلسل "من عيوني"، من تأليفي وإخراج الأستاذ ضيف الحارثي، حيث حل الراحل الكبير ضيف شرف على المسلسل بشخصيته الحقيقية، كان المرض قد بدأ ينال منه في تلك الفترة، لكنه بقي حاضر الذهن، سريع البديهة، يزرع البسمة في كل أرض يحل بها، يريد أن يقدم كل ما يستطيع من خلال الدور الذي أسند إليه، رغم بساطته، لأنه كان يرى أن لكل دور أهميته، وأن سعيد صالح قادر على اللعب في أضيق المساحات والإبداع فيها، كان عاشقا كبيرا، وفنانا مقتدرا، ومصريا حتى النخاع، محبا للمملكة العربية السعودية وأهلها، ومسرحيا من الطراز الأول، أصر عادل إمام على الاستعانة به في دور بسيط في فيلم "زهايمر" وفاء لصداقة عمر جمعتهما منذ أشهر أعمالهما على الإطلاق "مدرسة المشاغبين"، هذه المدرسة التي فتحت أبوابها لأهم المواهب وتخرج منها أحمد زكي ويونس شلبي، وأحدثت سجالا بدأ منذ السبعينات من القرن الماضي ولا يزال، أكثر ما ميز سعيد صالح طوال مسيرته الفنية هو حضوره المسرحي الفخم، وقدرته على الاستئثار بعين وعقل المتفرج خلف خشبة المسرح مهما كانت أحجام المواهب التي تقف إلى جواره، واتضح ذلك جليا في مسرحية العيال كبرت مع أحمد زكي وشلبي أيضا، وحين أصبح عادل إمام كالمتنبي ساطعا ومخفيا لكل المواهب حوله بقي سعيد صالح كوكبا درّيا يصعب إخفاؤه.