في كل مكان ترتاده أو تمر عليه احرص على أن تترك أثراً جميلاً، اغرس شيئاً جميلاً، سيأتي من ينتفع من آثارك، يقال "ازرع جميلاً ولو في غير موضعه، فلن يضيع جميلٌ أينما زُرعا"!

القصة التي سأرويها تكررت معي مرتين، حدثتكم عن الأولى قبل سنوات، الآن أحدثكم عن الثانية، إطلاقاً لست مثالياً، أمقت المثالية الزائفة، الذين يعرفونني يعلمون أنني واقعي قدر المستطاع، دعونا ندخل في الموضوع مباشرة، في دولة بعيدة لا يستطيع مواطنوها تمييز الجنسيات الخليجية عن بعضها بعضا، مررت برفقة أحد الأصدقاء بأحد محلات الخدمة، توقفنا بسيارتنا لفحصها فأمامنا طريق طويل، كنا قد استأجرناها من المطار، عندما جاء وقت الحساب سألنا صاحب "الورشة الميكانيكية" من أين أنتم؟ قلت له: "من السعودية"، حينما علم بذلك قدم لنا خصماً يتجاوز نصف السعر، وقال "أنا أحبكم، كان لي موقف مع شخص سعودي شهم وأحببت بلدكم بسبب تعامل ذلك الرجل معي"..

غادرنا المكان وقد حصدنا الثمرة التي زرعها ذلك "السعودي المجهول"، في اليوم التالي واجهنا عائلة على الطريق بحاجة لمساعدة -هذا ما حدث بالضبط- توقفنا وقدمنا لهم ما نستطيع، عندما غادرت قلت لرب الأسرة "نحن من السعودية" دون أن يسألني، غادرنا المكان، لعبت دور "السعودي المجهول"، أردت أن أزرع ثمرة، ربما يأتي يوم ما ويقطفها أحد السعوديين..

لست واعظاً، ولا متجملاً أمامكم، لكن لو أن كل سعودي من مئات الآلاف الذين ينتشرون هذه الأيام في مشارق الأرض ومغاربها، لعب دور "السعودي المجهول" وترك أثراً جميلاً لاستطعنا تحسين صورتنا في أماكن عدة، ولكنا قدمنا رسائل إيجابية للعالم من حولنا..

-لا تستهن بأي عمل تقوم به، يقال ازرع الخير حتى لو في المكان الخاطئ، فإن كنت زاهداً فيه، فنحن بحاجة له، لا تبخل علينا، أرجوك، في المرة القادمة كن أنت "السعودي المجهول"، ازرع جميلاً ولو مرة واحدة في حياتك!