سألت صديقي "هاه كم جاتك عيدية" فتنهد تنهيدة من حرارتها صُوِر لي وكأنه تنين في جوفه بركان! ورمقني بنظرة كلها شرر وتعجب وقليل من الاستنكار المباح، ثم أردف قائلاً "الله ينكد عليك يا شيخ!" ذكرتني بالأيام الخوالي أيام الطفولة والصغر، وكأني لمحت في عينيه لمعة الدموع المتماسكة عن الانسدال، ثم اتضح لي بعد مداولات و"نكشات" أنه مثلي حُرم من العيدية منذ أن توفي جده، ومن سوء حظه أن جده توفي وهو في العاشرة من عمره، فوجدتها فرصة لأواسيه وقلبت الطاولة عليه وقلت له مباشرة إنت "تتدلع"؟ محسوبك ما أخذ عيدية منذ حوالي 30 خريفاً لأن في عُرف عائلتنا تكون العيدية للصغار فقط، ولا أعلم من سنَ هذه السُنة السيئة وحصر العيدية في الأطفال؟
طبعاً أبناء هذا الجيل محظوظون لأنهم يأخذون حقهم بأيديهم ويطلبون بالفم المليان من جدهم أو جدتهم، لكن جيلنا جيل الطيبين المساكين كان يقع في فخ "هاتها حبيبي نرفعها لك عندنا" وتنشفط من الأم أو الأب ويمكن نفس فلوس العيدية هي التي يشترى بها هدايا النجاح للطفل "غسيل أموال يعني!".
ما علينا، طارت الطيور بأرزاقها وكل جيل له مميزات وعيوب، لكن تبقى العيدية رمز السرور الإنساني المستمر، مهما كبر الإنسان أو صغر، لذلك أنا أطالب باسم جيلي والأجيال السابقة واللاحقة بأن تكون العيدية حقا لا يمس وأن تصرف للإنسان مهما كبر في السن، وألا تصادر من الأب أو الأم، تحت أي ظرف من الظروف، وأن لا تقبل فئة الريال والخمسة والعشرة، فقيمة العيدية في مقدار المال، لا بلونها كما كانوا يضحكون علينا بفئة الـ5 ريالات البنفسجية الجميلة قديماً، هذا وكل عام وأنتم بخير، وأخيراً أبغى عيدية!