قد تكون مسرحية "خصوصية" هي الوحيدة التي تبدأ بمناشدة المشاهدين بترك هواتفهم المحمولة تعمل بل تطلب ممن لا يحمل جهازا استخدام الهاتف المحمول لجاره. تلك الهواتف الذكية هي من بين أبطال المسرحية الجديدة للكاتب المسرحي البريطاني جيمس جراهام التي بدأ عرضها في لندن هذا الأسبوع. ومثلها مثل أحدث أجيال الهواتف المحمولة هي مليئة بالخواص والأدوار.

فهي تحوي الكثير من الشخصيات من وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إلى الناشط البريطاني المدافع عن الحريات المدنية شامي تشاكر أبارتي إلى مراسل صحيفة الجارديان لشؤون الدفاع والمخابرات إوين ماكاسكيل وهو ضمن الفريق الذي كان أول من نشر تقريرا عن تسريبات المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن الذي كشف عن برنامج تجسس أميركي واسع النطاق. حول هذه الشخصيات وأكثر من عشرة آخرين على الأقل تدور المسرحية التي يمتد عرضها ساعتين ونصف الساعة ويمثل فيها ست ممثلين وممثلات.

لن ينطق أي منهم بعبارة أهم من الممثل الذي يؤدي دور هيج حين يردد قول وزير الخارجية البريطاني الشهير مبررا جمع الحكومة بيانات المواطنين الخاصة وهو ما كشف عنه سنودن: إذا كنت مواطنا صالحا تلتزم بالقانون "فليس لديك ما تخشاه" من تنصت أجهزة المخابرات. تثبت بقية الأمسية خطأ مقولة هيج. فالمواطنون الذين لم يرتكبوا أي ذنب قد يقلقون رغم ذلك من تمتع الأغراب بحق تتبع تحركاتهم بل معرفة العناوين التي ترددوا عليها مؤخرا والمدة التي مكثوها هناك. في غمار كل هذا يجلس على المسرح شاب وأمامه جهاز كمبيوتر أبل ويستخدم الإنترنت اللاسلكي (واي فاي) لينهال على الهواتف المحمولة للمشاهدين. يجمع معلومات عن عملهم وأين يعيشون وبعد فترة تظهر على شاشة عرض جانبية بيوتهم الخاصة من الصور المتاحة على موقع جوجل إيرث. كل هذا يدور كعرض من عروض السحر القديمة وإن حلت الهواتف المحمولة محل الأرنب الذي يخرج من قبعة الساحر. وتترابط كل هذه الخيوط بخفة حول شخصية تسمى "الكاتب" يؤديها الممثل جوشوا مجواير.

هو شخصية معادية للأجهزة مثل عمال القرن التاسع عشر الذين كانوا يحطمون الآلات اعتقادا منهم بأن استعمالها سيؤدي إلى تناقص الطلب على اليد العاملة. هو يرفض كل شيء رقمي كما يرفض الشبكة الاجتماعية. ويطارده ويلكزه دوما "المخرج" وهو شخصية تستمتع بالسخرية طوال

الوقت يؤديها مايكل تيري ليقدموا لنا مسرحية عن لا شيء سوى الخصوصية.