فيما ينطلق اليوم المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب، تحت شعار "مراجعات فكرية وحلول علمية، الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عدّ وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف عقد هذا المؤتمر تأكيداً للاهتمام الذي توليه قيادة المملكة للتصدي لكافة المحاولات التي تسعى للنيل من العقيدة الإسلامية بأفكار ضالة، تستهدف تشويه سماحتها، وإثارة الفتنة بين المسلمين، ولحماية أبنائنا من التغرير الذي يسخرهم أدوات لتنفيذ غايات أعداء الدين والوطن لارتكاب جرائم تتنافى مع الإسلام وأحكامه التي تحرم قتل النفس بغير حق.

وأضاف في تصريح بهذه المناسبة، أن المملكة نجحت- بتوفيق الله تعالى- في التصدي للجرائم الإرهابية بالتفاف مواطنيها حول قياداتهم، ومساندتهم لجهود رجال الأمن في تنفيذ مهامهم، مشيراً إلى حرص المملكة في استراتيجيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب، على تبني سياسة مواجهة الفكر بالفكر، وسعيها في سبيل ذلك إلى تسخير كافة الجهود لمواجهة الفكر الضال، وكشف حقيقته وأهدافه، وحماية مواطنيها منه.

ولفت الأمير محمد بن نايف إلى أن وزارة الداخلية حرصت على تلمس القصور المعرفي في العلم الشرعي لدى من تم التغرير بهم ومعالجتها ببرامج متخصصة للمناصحة والرعاية مما أسهم- بحمد الله- في تراجع أكثر من 90% منهم عن الأفكار التي أضلتهم.

وفي ختام تصريحه، سأل الله تعالى، أن يوفق الجهود المشكورة للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في تنظيم المؤتمر الذي يعد امتداداً للمسؤولية الشرعية لعلماء المسلمين في الذود عن عقيدة الإسلام، وبلوغ الحلول العملية لحماية المجتمعات الإسلامية من أنواع الأفكار المضللة كافة، ومكافحة الإرهاب، وحماية أبناء المسلمين من براثنه، خاصة وأن الأمة الإسلامية تنعم ولله الحمد، بعقول وهبها الله البصيرة لإبراز سماحة الإسلام، وكشف حقيقة الفكر الضال أمام الرأي العام الإسلامي وغير الإسلامي.

التعامل برؤية وروية


في ذات السياق، أكد وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله، أن المملكة كانت وما زالت في طليعة الدول التي تصدت للإرهاب داخلياً وخارجياً، وأنها واجهت الإرهاب الداخلي بحزم وحكمة مع الفئة التي ضلت من أبناء المجتمع، وتعاملت معه برؤية وروية تستهدف معالجة هذه الظاهرة من جذورها، مبيناً أن المملكة ركزت في مواجهتها للإرهاب على البعد الفكري والبعد الأمني، عبر استراتيجية شاركت في تنفيذها كل مؤسسات الدولة الأمنية والدينية والتعليمية والتربوية والإعلامية لنشر الوعي بين أفراد المجتمع بمخاطر الإرهاب، وآثاره السلبية على الفرد والدولة، وكيفية مكافحته والتصدي له، مما أوجد وعياً مجتمعياً أسهم في تلاحم الشعب مع القيادة للخلاص من هذا الخطر الذي هدد المجتمع بأسره.

وأضاف وزير الحرس الوطني في تصريح بهذه المناسبة، أن الدولة استكملت جهودها الداخلية في مكافحة الإرهاب بصدور الأمر الملكي الكريم مؤخراً، وما تضمنه من مواد وقوانين واضحة للحد من انتشار هذه الممارسات الخاطئة وهذا الفكر الدخيل على مجتمعنا.

وعلى المستوى الخارجي، بين أن المملكة من أولى الدول الموقعة على معاهدة مكافحة الإرهاب بمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1421/2000، كما أنها استضافت المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي شاركت فيه أكثر من 50 دولة، مشيراً إلى أن المملكة واصلت جهودها في هذا الاتجاه، منطلقة من حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على نشر ثقافة التسامح والتفاهم والتعاون والحوار بين أتباع الثقافات والحضارات المختلفة للقضاء على أسباب العنف والكراهية التي تسهم في نشر الإرهاب ثقافة وسلوكاً.

موقف صارم


من جانبه، أكد أمير منطقة الرياض الأمير خالد بن بندر، أن المملكة من أوائل الدول التي اتخذت موقفاً حازماً وصارماً ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي، خاصة وأن المملكة بوصفها جزءاً من العالم، عانت من أعمال العنف والإرهاب، الذي أصبح آفة خطيرة وظاهرة عالمية، لا وطن لها ولا دين ولا تعرف جنساً ولا زمناً ولا مكاناً.

وأشار في تصريح بمناسبة عقد المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب بالمدينة المنورة، إلى مواقف المملكة التي تؤكد رفضها الدائم وإدانتها للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وأياً كان مصدره وأهدافه، من خلال تعاونها وانضمامها وإسهامها بفاعلية في الجهود الدولية الثنائية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله والتزامها وتنفيذها للقرارات الدولية والصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب ومشاركتها بفاعلية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية أو دعمها وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة واعتبارها ضمن جرائم الحرابة التي تخضع لأشد العقوبات.

وبين أن جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين منذ أن دعا إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب في الرياض عام 2005، بحضور أكثر من 60 دولة، تؤكد أن الإرهاب لا دين له ولا يمثل الدين أو المجتمع الذي ينتمي إليه الإرهابيون، إضافة إلى تجريم القائمين على الدعم والمشاركة في الأعمال الإرهابية من خلال تحديد العقوبات، حيث كانت هذه القرارات التاريخية رداً على كل الأفواه غير المسؤولة التي اتهمت وشككت في الدور التي تقوم به المملكة حيال محاربة الإرهاب.

مسؤولية مشتركة





إلى ذلك، أوضح أمير منطقة حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن، أن المملكة حريصة كل الحرص على القضاء على الإرهاب ومحاربة الفكر الضال بكل أنواعه، مشددا على أن منهج المملكة المطبق لتعاليم ديننا الإسلامي يحتم عليها الحفاظ على أمن ومصالح المسلمين وعدم الزج بشباب الأمة في مهالك لا تفيدهم ولا تفيد الدين ولا الأمة الإسلامية، منوهاً بدور المملكة الدولي في هذا الإطار، ومنه تبرعها بـ100 مليون دولار لمركز مكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة.

وقال الأمير سعود بن عبدالمحسن: لا بد أن نكون يداً واحدة في محاربة كل تطرف وكل سلوك دخيل على منهجنا الإسلامي المتوازن، عاداً المسؤولية مشتركة بين الجميع.

تعاون دولي


أما أمير منطقة الباحة الأمير مشاري بن سعود فقد أثنى على الجهود التي تبذلها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في إطار إعدادها لتنظيم المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب (مراجعات فكرية وحلول عملية)، المنعقد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وقال إن المؤتمر يشكل إضافة إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في سبيل مكافحة الإرهاب، والقضاء على جذوره، ونشر سماحة الدين وتعاليمه الرفيعة. كما يشكل امتداداً لنجاحات الدولة في دحر الأذى عن الإنسان والمجتمع، وتعكير صفو الحياة وكل أسباب التطور، مشيراً إلى أن إعداد الجامعة وتنظيمها للمؤتمر يمثل استشعاراً لرسالتها النبيلة نحو إيجاد الحلول العملية لمحاربة الإرهاب، ولدحض تهم أعداء الدين الذين يربطون الإرهاب بالإسلام.

وتطرق إلى ما قطعته الدولة من جهود كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي في الوقوف في وجه الفكر المتطرف والسلوك الإرهابي وتقديمها كل أوجه التعاون الفعال مع الدول من أجل جعل العالم أكثر سلاماً وأماناً، لافتاً إلى أن جميع الدول تدرك الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في سبيل محاربة الإرهاب وإنجازاتها الناجحة في هذا الشأن. ونوه بما قامت به وزارة الداخلية من جهود كبيرة في هذا السياق، بما في ذلك إيجاد لجنة لمناصحة الشباب والتي قدمت الكثير، وأعطت نتائج مبهرة، إضافة إلى سعيها الدؤوب نحو قطع كل السبل التي تؤدي للإرهاب بأشكاله كافة.

تصحيح المفاهيم


ووصف أمير منطقة مكة المكرمة الأمير مشعل بن عبدالله، الإرهاب بأنه أصبح وباءً تسعى الشعوب لاجتثاثه والخلاص منه. وقال إن من الضروري أن يكون هناك وقفة حازمة مع الإرهاب حفاظاً على الأنفس والممتلكات ومكتسبات الوطن وهو ما قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وولي ولي العهد، من خلال العمل بتجربة علمية فريدة على مستوى العالم في مكافحة الإرهاب والتصدي له واجتثاث جذوره وطمس هويته، مع فتح باب الحوار والمناصحة مع من تم التغرير بهم للانخراط في تلك الأعمال الإرهابية عبر قنوات الإعلام وفضاء الإنترنت.

وأضاف: بذلت الدولة أقصى جهودها فكرياً وإعلامياً ودعوياً لإعادة تأهيل وتصحيح مفاهيم بعض المؤيدين للزمرة الفاسدة من الشباب المندفع بجهل، إضافة الى إعادة تأهيل الكثير ممن انحرف تفكيرهم عن الحق عبر برنامج علمي متكامل، اشترك في بناء تفاصيله متخصصون في علم النفس، وعلماء الشريعة الإسلامية، ودعاة بارعون في كشف أبعاد القيم الإسلامية المرتكزة على المحبة والعفو والتسامح، والتعايش السلمي.

أما وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة فقد استهل تصريحه بمناسبة عقد المؤتمر الدولي الثاني للإرهاب بالتأكيد على أن المملكة استشعرت منذ سنوات عديدة خطر ظاهرة الإرهاب والفكر الضال المنحرف، فكانت من أوائل الدول التي تصدت له على مختلف الأصعدة، محلياً وإقليمياً ودولياً، وعبرت عن رفضها الشديد وإدانتها المطلقة للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، لتنافيه مع مبادئ وسماحة وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء التي تحرم قتل الأبرياء وتنبذ مختلف أشكال العنف والإرهاب وتدعو إلى حفظ حقوق الإنسان. واستعرض الوزير جهود المملكة في التصدي لآفة الإرهاب وتصدي رجال الأمن وبكل شجاعة للفئات الضالة والباغية وقضائهم على أرباب هذا الفكر الضال وتسجيلهم نجاحات غير مسبوقة، تمثلت في الضربات الاستباقية، وإفشال معظم العمليات الإرهابية قبل تنفيذها، إضافة إلى تصدي علماء المملكة ومشايخها الأجلاء لمبادئ ومنهج هذا الفكر المنحرف وتبيان ضلاله ومقارعته بالحجة استناداً إلى الأدلة الواضحة من الكتاب والسنة.

وقدّر الدكتور خوجة المواقف الصارمة والحازمة تجاه الإرهاب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، مشيراً إلى تصدي المملكة وبقوة للأعمال الإرهابية، وتجنيدها لكافة أجهزتها لحماية المجتمع، إضافة إلى وضع استراتيجية من خلال خطين متوازيين هما المعالجة الأمنية والمعالجة الوقائية.

وأوضح أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي أعلنها في الخامس من جمادى الأولى عام 1425، جاءت تتويجاً لهذه المعالجة الوقائية، حيث أصدر "حفظه الله" عفواً عن كل من يسلم نفسه من تلك الفئة الضالة، وأنه سيعامل وفق شرع الله فيما يتعلق بحقوق الغير، مبيناً أنه هذا القرار استفاد منه عدد كبير من الأشخاص الذين اعتنقوا الفكر الضال، وسلموا أنفسهم للجهات الأمنية واستفادوا من العفو الملكي الكريم.


"السكينة": نحتاج لإعادة ترتيب برامجنا.. ومشاريعنا

الرياض: مروان الطريقي


أكد رئيس حملة السكينة عبدالمنعم المشوح، أن تنظيم الجامعة الإسلامية للمؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب بالمدينة المنورة، يأتي في توقيت مهم على المستوى المحلي والعالمي، مضيفاً "بعد قرابة العشر سنوات من المواجهة الفكرية المقننة والنوعية مع الإرهاب، نحن بحاجة إلى التقاط أنفاسنا لنعيد ترتيب برامجنا ومشاريعنا وخططنا ورؤانا، والجامعة الإسلامية أضاءت وتضيء للعالم منارات من الوسطية والاعتدال فهي حقا لا تغرب عنها الشمس أبداً".

وتمنى رئيس الحملة المهتمة بمحاورة أصحاب الفكر المتطرف والمنتمين للجماعات الإرهابية، أن يُطلق مؤتمر الجامعة الإسلامية والمقرر إقامته اليوم "نهضةً فكرية" متوازنة وواعية لمواجهة الإرهاب والتطرف الذي بدأت دائرته تتسع، نظرا للظروف العالمية ولعدم كفاية البرامج والمشاريع المواجهة.

وقال المشوح "لقد أملنا منذ سنوات أن توجد جهة علمية أو جامعة رائدة تقوم بإعادة دراسة البرامج التوعوية والفكرية التي واجهت الإرهاب، وشعرنا بأهمية ذلك لأننا في الميدان ونفتقر إلى الدراسات والأبحاث التي تساندنا للعمل على التطوير والتقويم". وتابع "سيتم تركيز طرح حملة السكينة في المؤتمر على الجوانب الإيجابية والسلبية على النجاحات والإخفاقات وحتى الأمنيات، فالهدف هو التقدم والتغيير وليس تعداد النجاحات وإخفاء المشكلات".