قد يثير منظر "الممتطين" للمرتفعات سواء الطبيعية أو التي تكونت بفعل الإنسان في مواقع مختلفة من مناطق نجران التي تقترب من الحدود مع اليمن "الانتباه" أو"الاستغراب"، خاصة في ظل عدم وجود طبيعة خلابة، قد تفسر امتطاء هؤلاء البشر لكل ما ارتفع من الأرض، وعند الاقتراب منهم تنجلي الحيرة، حيث يفسر حمل كل منهم جواله سبب صعودهم للمرتفع، فهم قصدوا الموقع بحثا عن خيوط شبكات الاتصالات اليمنية، للتواصل مع أهاليهم وذويهم ولتجنب تكاليف الاتصالات الدولية.

وفي الطرف الآخر فهناك "مستفيد" و"منزعج ومتضرر"، من ساكني المراكز الحدودية في منطقة نجران من تداخل الشبكات اليمنية الأربع مع نظيراتها السعودية.

المستفيدون هم المستخدمون سواء من المقيمين اليمنيين أو المواطنين الذين لهم علاقات عائلية أو تجارية وغيرها باليمن، في حين ينزعج من يتحول جواله في وضع البحث الآلي عن الشبكة لأخرى يمنية بدلا من السعودية أو من لديه هواجس أمنية من استغلال المهربين والمتعاونين معهم لهذه الشبكات في التنسيق وغيره.


"كلمني على اليمني"

"كلمني على اليمني" عبارة كثير ما تسمعها في امتداد حدود منطقة نجران من خباش إلى الوديعة.

يقول مواطنون التقتهم "الوطن" في الوديعة إن الأحوال الجوية وخاصة في ظل الرطوبة بفعل الأمطار تجعل الشبكات اليمنية في قوة الشبكات السعودية وربما أقوى، ويؤكد المواطن سالم البريكي أنهم يفاجؤون برسائل في جوالاتهم ترحب بهم في اليمن وأخرى تذكرهم بأرقام السفارة السعودية في صنعاء.

مؤكدا أنه منزعج من ذلك رغم أنه كثيرا ما يستخدم الشبكات اليمنية ولديه شرائح يمنية يستخدمها للاتصال عندما يزور اليمن أو حتى للتواصل مع من لديه شرائح مثيلة من ساكني الوديعة.

السعر لـ"اليمنية"

في مركز الوديعة بمحافظة شرورة على الحدود الجنوبية الشرقية يقول عيظة الصيعري إن رخص أجرة الاتصال في الشبكات اليمنية شجع الكثيرين على أن يشتروها ويستخدموها، فتكلفة الاتصال في إحدى الشبكات في أوقات الذروة تكون بـ7 ريالات يمنية "الريال السعودي يساوي 60 ريالا يمنيا"، وفي أوقات التخفيضات بـ 3 ريالات ناهيك عن العروض.

مضيفا: زاد الإقبال على الشرائح اليمنية بعد قرار إلغاء مجانية استقبال المكالمات أثناء التجوال من قبل هيئة الاتصالات السعودية الذي أدى لقفل مئات الآلاف من الشرائح التابعة لشركات سعودية.

تقوية الشبكات

ويقول المقيم اليمني بشرورة محمد علي، "أذهب على طريق الوديعة لمسافة تزيد على 15 كليو لأتمكن من التقاط إحدى الشبكات اليمنية وأجري اتصالا مع أهلي"، ويضيف "وذلك تفاديا لدفع مبلغ أكبر عندما أتصل بالتعرفة الدولية المقررة في الشركات السعودية"، وتمنى محمد علي أن تقوى الشبكة اليمنية لا أن تضعف، مؤكدا أنه يعاني من مشكلة في إعادة شحن الرصيد لأن ذلك يتم من قبل ذويه ويتساءل "معظم العاملين في المنفذ اليمني بالوديعة يقتنون شرائح سعودية وهذا طبيعي ولنفس الأسباب".

إلغاء التجوال المجاني

وبالقرب من كبري الرويكبة الذي لا يبعد عن مطار نجران سوى بضع كيلومترات تداخلت شبكة الاتصالات اليمينة مع الشبكات السعودية، وقال علي اليامي الذي يحاول الحصول على شبكة يمنية تابعة لشريحته "كنت أتواصل مع أبنائي ويتواصلون معي من موقع سكني الذي يبعد من هنا نحو 20 كلم تقريبا بشريحتي السعودية، ولكن اختلف الوضع بعد إيقاف التجوال المجاني، وأصبحت أحضر إلى موقع وجود الشبكة اليمينة بين فترة وأخرى لإجراء المكالمات من شريحتي اليمنية".

ويضيف محمد أبو فريد: "أكون موجودا في موقع الشبكة بشكل شبه يومي وأملك شريحتين يمنية وسعودية وأستخدمهما دون انقطاع وأوفر الكثير مقارنةً بالشرائح المحلية" وعند سؤاله عن كيفية حصوله على بطاقات الشحن أفاد بأن هناك محلات بالقرب من الموقع توفرها وبسهولة.


توحيد الشبكات

"لماذا لا توحد الشبكات السعودية اليمنية ويتم ربطها"، سؤال ساقه إلى "الوطن" أكثر من مقيم يمني على الحدود في المملكة مطالبين بتوحيد الشبكات وتعرفاتها وإلغاء التعرفة المرتفعة للمكالمات أثناء التجوال الدولي، وقالوا يمكن ذلك بالسماح لشركات سعودية بالدخول للسوق اليمنية والعكس، ويقول محمد غيلان وهو من أهالي محافظة ذمار: تواصلي مع أهلي يتم عبر شريحة سعودية ولا أجد الوقت للخروج لمواقع الشبكات لكن لو كان هناك توحيد للتعرفة أو تطبيق نظام الشبكة الواحدة لخفف عنا تكاليف الاتصال التي أعتبرها مرتفعة.

تحقيق أمني

وحكى مواطن طلب عدم ذكر اسمه كيف أنه تعرض لمساءلة أمنية بسبب وجوده في الليل في أحد المواقع بالقرب من محطة التوليد التابعة لكهرباء شرورة الواقعة على طريق شرورة -الوديعة، ويقول إنه في إحدى المرات تم فيها اصطحابه من قبل دورية أمنية تابعة للشرطة مخصصة لأمن المحطة لمكتب الأمن في المحطة، ومرة أخرى تمت مساءلته من قبل "دورية راجلة" تابعة لجهة أخرى في نفس الموقع وتم إخلاء سبيله بعد أن اتضح هدفه.

ويضيف نفس المواطن: الشبكة تكون أقوى في المساء وكذلك مع الأمطار بل أحيانا تصل شبكة شركة "يمن موبايل " للطرف الجنوبي من شرورة.

معرفة مواقع الشبكات

أثناء مرور "الوطن" في المواقع التي تجرى الاتصالات منها لا حظنا شخصا يحمل أمتعته واتضح أنه مسافر لليمن ويدعى "قايد" يقول "نعم أنا مسافر لليمن وأملك شريحة يمنية وتوقفت في هذا الموقع لأخبر أهلي بموعد وصولي".

ويضيف بأن أسعار الاتصال بالوحدات اليمنية للشرائح السعودية أو العكس مرتفعة، وعن معنى "وحدات" يقول "شريحتي (سبأفون) ونظامها يتم بتحويل المبالغ التي يتم شحنها إلى وحدات فمثلا تشحن بـ 900 ريال يمني يعطونك مقابل ذلك 30 وحدة.





عريس يستفيد

المواطن محمد الصالح متزوج حديثا من اليمن، يؤكد أنه أكبر المستفيدين من خدمة تداخل شبكات الاتصالات اليمنية والسعودية، كون الشبكة اليمنية تعمل من سطح منزله، لذا فهو لا يخسر كثيرا، بحيث تتواصل زوجته من المملكة مع أهلها في صنعاء عبر الشبكة اليمنية، مبديا امتعاضه من تسليط "الوطن" على هذه القضية كون ذلك قد يتسبب في قطع الخدمة وبالتالي يتكبد خسائر مالية طائلة بالاعتماد على شبكات الاتصالات السعودية.

لا شكاوى

من جانبه أوضح مدير مبيعات الاتصالات بنجران جارالله القحطاني عن تداخل شبكات البلدين في حديثه إلى "الوطن" بقوله "لا توجد لدينا خلفية عن ذلك ولو تقدم المواطنون بشكوى للاتصالات لتم تلافي الإشكالية وسيتم تحديد المشكلة وتلافيها".

ونقلت "الوطن" للناطق الإعلامي لحرس الحدود بمنطقة نجران الرائد علي القحطاني التخوف من أن يستغل المهربون القادمون من الحدود اليمنية والمتعاونون معهم وجود الشبكات اليمنية في الأراضي السعودية، لكنه تحفظ عن الرد.