عيدكم سعيد. هو هكذا أنزله الله كي يكون سعيدا، ومن يحاول أن يجعل منه مكملا لمسيرة أيام الحزن في حياته، فلن يعرف قلبه الفرح في أي يوم آخر، وسيعيش في زاوية الكآبة حتى يموت.

ومهما كان سبب الحزن مقنعا، هناك دائما أسباب للفرح، فوجودك بصحة جيدة بين أهلك ومحبيك سبب يكفي للابتهاج كل يوم حتى تدخل القبر.

ليلة العيد، كنت أستمع إلى الإذاعة، وإذا بمتصل يتحدث مع المذيعة التي كانت تمارس دورها في مشاركة المتصلين الفرح، وطلبت منه أن يبتسم ويضحك للعيد، فما كان منه إلا فتح موالا من الحزن على إخواننا في غزة، وكيف يكون للعيد فرح وهم يقصفون ويقتلون، ويؤكد أنه لن يفرح حتى يرفع الله عنهم البلاء.

هذا المتصل لا يزايد على القضية كما سيعتقد البعض، ومثله الكثير في حياتنا، ولن يخلو أي عيد منه حتى لو لم تكن هناك غزة، إنه يمارس ثقافة عربية خالصة توارثتها الأجيال، فنحن كمن يلتمس العذر لنحتفل بحزننا ونقدمه على الفرح، فالحزن هو المتن والفرح هامش في متن الهامش.

اُدخل تويتر كمساحة لرصد المشاعر وراقب، ستجد أن بيت "عيد بأي حال عدت ياعيد" مازال حاضرا ومتداولا وملهما لممارسة المزيد من الحزن والاكتئاب، رغم أنه كتب قبل قرون وفي مناسبة خاصة ومصلحة شخصية لشاعر "الشرهات" المتنبي، ولا علاقة له بهموم الأمة التي أصبحنا نحن نحملها على أكتافنا ثم نورثها لأجيالنا.

صحيح أن الوضع غير جيد في الوطن العربي، لكنه ليس وليد اللحظة، ومنذ قرون ونحن نعيش المآسي ونتكوم داخل طاقة الحزن، منذ دخول بغداد وسقوط الأندلس، حتى أصبحنا اليوم نفرح بالحزن ونمارسه بسعادة، رغم أن لدينا من النعم ما يكفي للابتهاج والفرح وشكر الله عليها؛ كي تزيد وتزيد حتى يتلاشى أي سبب للحزن.

كل عام وأنتم بخير كثير.