تعتبر السيارات ووسائل المواصلات في هذا العصر واحدة من أهم الأساسيات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية، وخصوصا في الدول التي تفتقد إلى وجود منظومة متكاملة وفعّالة من وسائل وخطوط المواصلات التي تربط مناطق الدولة ببعضها، وتجعل من تنقلات الأفراد أمرا ميسرا، وبالتالي بات امتلاك السيارة لدى الكثير من الناس وعلى مختلف مستوياتهم أمرا ملحا في كثير من الأحيان، وأصبح الاهتمام بأسعار السيارات وما يرتبط بها من خدمات صيانة وقطع غيار وما إلى ذلك يشغل بال كثير من الناس.

في الجانب نفسه كشفت دراسة خليجية أعدتها دائرة حماية المستهلك بوزارة التجارة والصناعة في مملكة البحرين، أن المملكة العربية السعودية جاءت في طليعة الدول الخليجية الست من حيث كونها أقل تلك الدول في أسعار السيارات، بينما جاءت السلطنة الأغلى سعرا كما أكدت الدراسة أن المملكة العربية السعودية تعتبر الأرخص سعرا في بيع قطع غيار السيارات فيما جاءت كل من السلطنة والكويت أعلاها في أسعار بيع قطع الغيار.

وهدفت هذه الدراسة إلى إجراء مقارنة بين أسعار السيارات وقطع الغيار في مملكة البحرين مع أسعار نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي الست (سلطنة عمان ، المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة قطر، دولة الكويت)، وذلك من خلال تحليل أسعار العرض لعينات من السيارات وقطع غيار السيارات الأكثر شيوعا في الاستخدام في دول الخليج بالإضافة إلى إجراء العديد من المقابلات مع مديري وكالات السيارات ومديري إدارات حماية المستهلك والوكالات التجارية الخليجية.

وتم تطبيق هذه الدراسة على دول المجلس للإجابة عن عدة تساؤلات تتعلق بأسعار السيارات وقطع غيارها في البحرين ومدى تشابهها مع الأسعار أو اختلافها في دول مجلس التعاون، ونسبة الاختلاف وأسبابه.

وخرجت الدراسة بعدة نتائج على كل من محور أسعار قطع الغيار ومحور أسعار السيارات، في المحور الأول توصلت الدراسة إلى أن الترتيب العام لجميع وكالات السيارات يبين أن المملكة العربية السعودية تأتي في المركز الأول من حيث رخص قطع الغيار مقارنة بمثيلاتها من الوكالات الأخرى في دول الخليج بمعدل 13 نقطة، وجاءت مملكة البحرين بعدها في الترتيب وبذات المجموع من النقاط، فيما احتلت قطر الترتيب الثالث من حيث رخص قطع الغيار بمعدل 18 نقطة، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بمجموع 19 نقطة، ثم كل من الكويت وسلطنة عمان على حد سواء بمجموع 21 نقطة.

وأظهرت الدراسة وجود تقارب في أسعار قطع الغيار التي يكثر استخدامها مثل الكابحات (BRAKES ) ومرشح الزيت ( Oil Filter) ومرشح الهواء (AIR Filter) بين وكالات السيارات في دول الخليج في حين تختلف وتتفاوت بشكل كبير في قطع الغيار الأخرى، بينما أرجعت أسباب تلك الفروقات الكبيرة في بعض قطع الغيار إلى مجموعة من العوامل أبرزها العروض الترويجية التي تقدمها الوكالات بين الفينة والأخرى، إضافة إلى وجود مواصفات إضافية في السيارة من قبل جهاز الحساس في الصدام (punper) أو بعض المواصفات الفنية من قبيل المرآة الجانبية الكهربائية أو الإنارة الجانبية في المرآة الجانبية وغيرها.

ومن أسباب الفروقات التي استعرضتها الدراسة اختلاف أسعار الاستيراد ونسب الضرائب الجمركية المتحصلة وانعكاس ذلك على السعر النهائي للمستهلك، بالإضافة إلى توفير بعض وكلاء السيارات لقطع غيار درجة أولى وقطع غيار درجة ثانية معتمدة من الشركة الأم وتتفاوت في السعر بدرجة تصل إلى 50% لكونها تصنع خارج البلد الأم لانخفاض كلفة التصنيع والشحن ويبقى الخيار للمستهلك في اختيار الأنسب، وذلك كما هو الحال في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وخصوصا للسيارات اليابانية، وكذلك وجود مصانع ومخازن ومستودعات للشركات والوكالات العاملة بمساحات واسعة تسمح بتوفير قطع الغيار في أسرع وقت ممكن.

أما على مستوى نتائج المحور الثاني والخاص بأسعار السيارات فقد خلصت الدراسة في هذا الجانب بعد احتساب الترتيب العام لأسعار السيارات في دول مجلس التعاون إلى أن المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة الأولى بكونها الأرخص سعراً للسيارات تليها البحرين ثم الكويت وقطر والإمارات وفي المرتبة الأخيرة تأتي أسعار السيارات في سلطنة عمان لتعتبر الأغلى سعراً بين دول الخليج جميعاً.

وترجع الدراسة التفاوت الحاصل في أسعار السيارات في دول الخليج إلى عدة عوامل من أبرزها حجم الاستيراد لدى كل وكالة، وتفاوت أداء العملات واختلاف سعر الصرف لعملة الدولة المصنعة أو المصدرة للسيارات مقابل عملة الدول المستوردة لها، بالإضافة إلى قيام بعض الشركات العملاقة حسب تقييمها لأسواق كل بلد باعتماد أكثر من وكيل لسياراتها، وذلك من أجل فتح باب التنافس، وهذا ما يحدث في المملكة العربية السعودية.

وأشارت الدراسة إلى أن معظم مديري إدارات حماية المستهلك ومسؤولي الوكالات التجارية بدول المجلس ممن شملتهم عينة الدراسة أكدوا أن هناك نوعاً من التقسيم للأسواق في منطقة الخليج بين مصانع السيارات فيما يخص قطع الغيار وهو ما يشكل نموذجاً في التواطؤ غير المشروع من وجهة نظرهم.

وأوصت الدراسة على إثر ما كشفته من نتائج بعدد من التوصيات من بينها تشجيع المنافسة في قطاع السيارات وتحفيز وكالات السيارات لتقديم تخفيضات مستمرة للمستهلك بالنسبة للسيارات وكذلك قطع الغيار، ونشر أسعار السيارات وقطع الغيار بمواصفاتها أسوة بالمواد الغذائية لتشجيع التجار على تقديم أسعار تنافسية للمستهلك.

كما أوصت بضرورة تقييم أسعار السيارات وقطع غيارها والمنتجات والخدمات التي تقدمها وكالات السيارات للمستهلك مع أسعارها في الجمارك لتقدير هامش الربح وواقعيته قياساً بالعوامل الأخرى المؤثرة كسعر الصرف والشحن والتأمين وغيرها من العوامل، وأهمية إحكام أعمال الرقابة على وكالات السيارات المحلية وتطبيق القوانين والأنظمة التي تخص حماية المستهلك والنصوص المتعلقة بالوكالات التجارية، وخصوصاً فيما يتعلق بالاستدعاءات والإعلان عنها في وسائل الإعلام مما سيساهم في تعزيز ثقة المستهلك في الأجهزة الحكومية المعنية بحماية المستهلك من جهة وتفعيل الرقابة على وكالات السيارات بشكل كبير من جهة أخرى من أجل تحسين خدماتها المقدمة للمستهلك.

وطالبت الدراسة ضمن توصياتها بضرورة مراجعة النصوص القانونية التي تحمي المستهلك والمنصوص عليها ضمن قانون حماية المستهلك وكذلك قانون المواصفات والمقاييس واللوائح الفنية الإلزامية للسيارات وقطع غيارها وكذلك النصوص القانونية الخاصة بالوكالات التجارية وتطبيقها بشكل عملي يخدم المستهلك من خلال مراعاة ذلك ضمن اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك ضمن الفصل المتعلق بالتزامات المزود، مؤكدة في توصيتها الأخيرة على أهمية التوسع في تطبيق الدراسة لتشمل أنواعا أخرى من السيارات وقطع الغيار وعينات أكثر حتى يمكن الخروج بنتائج أكثر دقة وموضوعية في هذا المجال.