الثقافة كربيبها الإنسان تشاطره كثيرا من صفاته فهي تضعف وتقوى وقد تصاب بلوثة التخلف والانحطاط والضّعة، فهي بنهاية المطاف جزء لا تتجزأ عن بيئتها التي تكونت وتبلورت فيها، حتى أصبحت الثقافة "معادلا موضوعيا" ومعيارا فكريا لقياس وعي المجتمعات والشعوب.

ومما يؤسف المثقف النبيل الذي يحمل هموم مجتمعه الثقافية فسح كتيبات ركيكة موضوعا وأسلوبا ولغة ومضمونا ومما يزيدها وهنًا على وهن أنها تحسب على هيبة حركتنا الثقافية المحلية؛ والمتابع للشؤون الثقافية بتطوراتها وتخبطاتها وازدهارها وانحطاطها لن يعدم تذكر مقالة محمود درويش في مجلة الكرمل قبل ما يزيد على ثلاثة عقود التي استهلها بقوله "أنقذونا من هذا الشعر".

فحري بمن يحمل هموم ثقافة وطنه أن ينتقد نقدا بناءً آلية وزارة ثقافتنا الموقرة التي أعطت مجالا رحبا لفسح هذه الترهات – إن جازت التسمية - والتي أصبحت عالة وعبئا ثقيلا على حراكنا الثقافي المنشود، متمنين من الله ألا يجعلها حجر عثرة تعيق مسيرتنا الثقافية، وحراكنا الثقافي في عيون المجتمعات الأخرى. فحينما يجمع أحد الكتاب خربشاته في تويتر ليخرجها بما يسميه كتابا تحت اسم براق لكي لا يفوت على نفسه فرصة الجلوس على منصة التوقيعات في معارض الكتاب السنوية، ويقابله في الجهة الأخرى كويتب آخر يرافقه في تشويه وجهنا الثقافي ويستمد من اللعب على مشاعر المراهقات حبرا لقلمه ووقودا لمؤلفاته؛ حتى استقبل رأي المجتمع متواترا في هاشتاق مركب من اسمه و"دانيت الشكولاته" وفكرة الدانيت أوردها في إحدى صفحات كتيبه – وشر البلية ما يضحك -. وإن من وقع الجرح على الجرح كما يقال فسح هذه الهرطقات الرخيصة بوقت تمنع فيه أعمال خلدها التاريخ كأعمال الشاعر محمود درويش وآخرين. ولكي لا يطول الحديث إلى مناحٍ متشعبة فإن لسان كل غيور يحمل هموم ثقافة وطنه ينادي وزارتنا الموقرة "أنقذونا من هذا الغثاء المخجل".