اختلاف الاهتمامات بين الزوجين قد يكون عائقا أمام استمرار الحياة الزوجية، خاصة في السنوات الأولى من الارتباط، وإذا لم يتم تجاوزه بسرعة، وخلق بيئة تناسب الطرفين، سواء من ناحية الزوج أو الزوجة، ستلوح في الأفق مؤشرات الانفصال.
ولكن هناء الصقري استطاعت التغلب على تلك التناقضات ببعض التنازلات، فعندما تزوجت أدركت بفطنتها أن زوجها لا يميل لاهتماماتها، بل قد تسبب له الإزعاج، فقررت صرف النظر لفترة عن الهواية التي لطالما أحبتها.
تقول هناء: "قبل زواجي كنت أميل إلى الهدوء، ولا أتحدث إلا نادرا، فعالمي كنت أقضيه بين الكتب، ولطالما ذكرت أن العزلة التي أعيشها سببها عشقي للقراءة، والتأمل مملكة الأفكار". وتابعت: "عندما تزوجت أدركت أن زوجي لا يحب الاطلاع، ويميل إلى كثرة الكلام، ومن أول اهتماماته الزيارات العائلية المفرطة، حتى ولو كانت بشكل يومي، وكادت أن تنغص هذه المشكلة حياتي الزوجية في بدايتها".
وعن كيفية التغلب على ذلك، تقول هناء: "شعرت بالخطر الذي بدأ يحدق بحياتي، فاستشرت أستاذتي في الجامعة، وهي متخصصة أسرية استفدت كثيرا من محاضراتها القيمة، فقالت لي إن التباين بين الزوجين في الاهتمامات، والهوايات، والنظرة للحياة أمر طبيعي، وقد يكتشفه كلا الطرفين في وقت قياسي، وإن بوسع كل منهما التغلب عليه، لحين حدوث التكامل، ومن ثم الاتفاق على جو مريح يناسب الاثنين، ونصحتني بالتعامل مع الأمر بحكمة، وإلا فسوف تسبب لي هذه المشكلة صراعات قد تعصف بحياتي الزوجية".
وأنهت هناء حديثها قائلة "الآن.. عودت زوجي على الاطلاع على الكتب، وكنت أختار أفضلها لأقرب له هذه الهواية، وبالتدريج أصبح يقرأ أكثر مني"،
ومن زاوية أخرى، يفضل عادل العبدلي "أعزب" الارتباط بفتاة تخالفه في الاهتمامات والنشاطات، وعن ذلك يقول: "أنا مقتنع تماما بضرورة الاختلاف، فالحياة أشبه بالمغناطيس، الأطراف المختلفة تتجاذب، وكذلك الحياة الزوجية، فالتناقض بين الرجل والمرأة يغذي الحوار، ويضفي بهجة، بشرط الإيمان بأنه لا يفسد الود، وأن يحاول كل طرف إقناع الآخر بما يراه صوابا".
وأضاف "استفدت من تجربة أمي وأبي في هذا الموضوع، فقد كانا متفقين في أشياء عدة، وكثيرا ما اشتكت والدتي من أن حياتهما مللة نتيجة الرتم الذي اعتادا عليه".
وترى أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي، أن من الضروري التنوع في الاهتمامات بين الأزواج، حيث تقول إن "الاختلاف يضفي جوا من التنوع في الحياة الزوجية، خاصة إذا كان الطرفان يؤمنان بحرية الرأي وتعدد وجهات النظر، وبذلك يستمتع كل واحد منهما باختلافه عن الآخر، وتعم الفائدة على جميع أفراد الأسرة، خاصة الأبناء الذين يستفيدون من اهتمامات كل من الأب والأم".
وأضافت أن الميول لا تنشأ في لحظة، ولكنها تخضع للتربية والثقافة والتعليم وغيرها، ومن الصعب أن يغيرها الشخص، لذلك فإن الحل يكمن في تفهم كل طرف لاهتمامات الآخر، وتوظيفها لمصلحة الأسرة.
وأشارت الغامدي إلى أن تلك الاختلافات في اهتمامات الزوجين قد تكون ميزة، لإمكانية استفادة الطرفين من معارف وثقافات وهوايات ورؤى أخرى، وذلك لا يمكن حدوثه في حال كانت الاهتمامات متقاربة.
وأكدت أخصائية التربية الأسرية أن "التنوع عامل مهم لجمال الحياة، كباقة الزهور الملونة التي تجذب الانتباه، بعكس تلك التي تضم وروداً متشابهة، لذلك على الزوجين أن لا يبحثا عن الاتفاق في الاهتمامات، بل البحث عن التوافق، فمن الجميل الاتفاق حول الاختلاف"، مشيرة إلى أن التكامل في الحياة الزوجية أفضل من التماثل.