أعداء الوطن كثر، والعداوات تكتسب لأسباب مختلفة ومعطيات مختلفة تختلف باختلاف المسببات والنشأة، منها التاريخية التي تعود لأسباب جغرافية، والبعض لأسباب تتعلق بالفكر والأيدولوجيا والأمور العقدية أحيانا.
سنتحدث في ثنايا المقال بشيء من التفصيل: العدو الأول لهذا الوطن في رأيي هو تلك الأعداد المهولة من قطعان العمالة السائبة من مخالفي نظام الإقامة والعمل، ومجهولي الهوية والمتخلفين عقب مواسم الحج والعمرة، هذا العدو المستتر تعود نشأته لأسباب مختلفة، منها جشع بعض المواطنين ممن يحصلون على أعداد مختلفة من التأشيرات بطرق مخالفة و"بطريقة سوق نخاسة" في زمن ما بعد الألفين الميلادية، يتم بيع تلك التأشيرات مباشرة على التجار المهتمين في مختلف بلاد العمالة الوافدة وخاصة الآسيوية، دون رادع ديني أو أخلاقي أو وطني ليتم شحنهم ورميهم في مدن وقرى وشوارع الوطن لتبدأ سلسلة الأخطار.
أخطار اجتماعية ظهرت آثارها، واقتصادية استنزفت الدخل القومي وتمكنت من اختطاف السوق المحلي، وسيطرت عليه بشكل كبير وقللت الفرص على اليد العاملة الوطنية، وأخطار عقدية وسياسية أيضا، قنابل موقوتة جاهزة للانفجار في كل وقت، وتسريبات تلك الانفجارات ظاهرة للعيان منذ سنوات.
التعاطي الأمني من الجهات المعنية، وعلى رأسها المديرية العامة للجوازات وإدارة الوافدين ووزارة العمل... إلخ من الجهات الحكومية غير مُرضٍ تماما.
لسنا بصدد طرح الحلول هنا، ولكن التساؤلات وإثارة الفكرة. ربما يكون هؤلاء يوما مطية تستخدم من خلال الخلايا الإرهابية لتنفيذ أي عمل، أو من قبل أجهزة استخبارية لدول معادية.
العدو الآخر، هو الفكر المتطرف دينيا لشريحة ليست بسيطة من أبناء الوطن، ممن مورست عليهم عمليات غسل أدمغة بطرق مختلفة وبنجاح باهر، وكان التعاطي الأمني مرضيا جدا، لكن التعاطي المجتمعي غير ذلك تماما؛ لأن البذرة تبدأ من المنزل في تنشئة الفكر ومراقبة الأبناء، فينبغي أن تكون الأسرة أكثر حرصا واهتماما بأبنائهم ولا تكون ضحايا لمتلازمة "الثقة بمن لا يستحق"، ممن يظهر عليهم سمات الصلاح وهم متشددون متطرفون يختطفون عقول شبابنا في المخيمات، مناهج المدارس والمخرج التعليمي وآثار هذا الخطر عم وطم، ولا يخفى على الجميع أن من كوارث الأقدار أن الحاضنة مازالت تمارس التفقيس رغم علم الجميع؟!
العدو الثالث، هو من بعض النخبة للأسف، وهم قلة من أرباب الفكر وحملة الشهادات العليا، ممن يحسبون على الثقافة والفكر، وهم أدعياؤه من العاقين للوطن، الوطن وما أدراك ما الوطن!.
وكي نتكلم بصراحة ونتساءل في طرحنا هذا، ونسمي الأشياء بمسمياتها، أقصد زوار السفارات، ممن يؤمنون بالاستقواء بالأجنبي، وفرض ما يريدون ـ حسب اعتقادهم ـ بوقاحة مستفزة، وتقديم صورة مشوهة وكاذبة عن المجتمع ورغباته ورؤاه وطبيعة تركيبته للآخر.
لن نسهب أكثر، فالقارئ المحترف يرى ما بين السطور بعد أن بلغ السيل الزبى. رحم الله نايف الأمن، حين أشار إلى ذلك صراحة ذات مساء، في حين غضبة تلميح كانت في لقاء بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. التعامل مع هذا العدو الخطر غير مرض تماما والمجاملة في هذا الملف يكتنفه غموض لم يتقبله عقلي.
العدو الرابع، استغلال مظلومية كاذبة على مر التاريخ، والوصول من خلالها إلى خلق عدو داخلي، اعتمادا على استخدام "التقية"، والتلميح يغني عن التصريح لعقلية قارئ محترف، مواطنون أصيلون تم غسل أدمغتهم، واستغلال البعض منهم كعدو مقيم بين ظهراني المجتمع، استغلالا لمظلومية كاذبة منشؤها سياسي بحت وليس عقديا، ويتم تداول الحديث عن هذ الخطر على استحياء غير مبرر.
وفيما يتعلق بالحلول، فبرأيي أن الحل يكمن في الحوار، ومزيد من الحوار، فالوطن أمانة.
الحوار الذي باركه خادم الحرمين الشريفين، وتنبه لأهميته بحذاقته وفطنته "حفظه الله". اللهم نسألك في هذه الأيام المباركة أن تديم علينا نعمة الأمن والأمان، والمحبة والسلام، بين أبناء المجتمع السعودي.