شاكر سليمان شكوري
الخطب أعظم، والمصاب جلل، والمصيبة من العيار الثقيل، أن تفقد أسرة فاضلة خمسة من أبنائها دفعة واحدة، في لحظة جنون سائق مهووس يعتقد – وهذه ثقافة شائعة بين سائقي الشاحنات – أن حجم شاحنته الضخم يفرض له أولوية طريق، وتجاوزات "خاطئة" لكل ما عداه من مركبات، يرى أنها أصغر من أن تقاويه أو تطاوله، في بلطجية سافرة على الطريق.
هذا السائق المهووس، الذي لا يقيَّم نفعه مجتمعياً، بـ"قلامة أظفر" واحد من هؤلاء الخمسة، قتلهم جميعاً في مغامرة طائشة بدم بارد.
ولا شك أن الحزن على ضحايا هذا الحادث المروري المروّع ليس قاصراً على الأخ العزيز الأستاذ الدكتور إسماعيل البشري، ففي كل بيت من بيوت الوطن ذات الحزن، كما هو حزن الوطن مجتمعاً على فقدان هؤلاء الواعدين، المؤهلين في حضن أسرة العلم الكريمة، والمدعومين بالعلم والمعرفة في منابر الوطن، وحين حان القطاف، راحت الثمرات الزكيات هباء، تحت عجلات شاحنة هذا المخبول! وفقد الوطن أحلامه في هؤلاء الخمسة النخبة، لكنه القدر ونحن به مؤمنون.
من أجل ذلك، فإنني أقدم عزائي أولاً لهذا الوطن، ثم لكل أسرة هزها النبأ، وشعرت بحجم المأساة على الأسرة المنكوبة فشاطرتها الألم والحزن، حضوراً أو قلبياً، حيثما هي.
أما أنت يا صديقي العزيز – يا أيها الرجل المؤمن الذي عرفناه، فصبراً جميلاً على هذا الفقد الأليم لأبنائك الذين هم أبناؤنا في هذا الظرف، وأنت الهرم الشامخ علماً وعملاً، حري أن تجتاز الأزمة بعون الله وتوفيقه، ومهما بقي في قلبك وقلب الأسرة من حزن شفيف، فإنكم ستواجهون هذا البلاء العظيم بصبر المؤمن واحتسابه، وأي احتساب يفوق أنهم في جنان الله شهداء.
ولا شك أن كل مفردات اللغات لا تفي بحق عزائك، لكن كل ما نملك أن نردد "إنا لله وإنا إليه راجعون".