يتركز عمل المرأة السعودية في مجالي التربية والتعليم لتوفيره البيئة الملائمة والمهيأة لعمل المرأة، والتي تراعي خصوصية النساء المشروطة من قبل المجتمع، وهذا يقابله ازدياد في عدد العاطلات عن العمل بواقع كشف عنه المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، بأن اختبارا لقياس الميول والقدرات المهنية أظهر أن أكثر من 1,2 مليون باحثة عن عمل في قوائم حافز يرغبن بالعمل في قطاع التعليم، وعليه أشار مدير صندوق التنمية البشرية باستحالة الاستجابة لتوظيف هذا العدد من الخريجات في مجال واحد.

ترغب المرأة السعودية في العمل معلمة لأنها المهنة الوحيدة على واسع النطاق التي فصلت عمل النساء عن الرجال في تنظيمها وآليتها، وبالتالي يتقبل المجتمع فكرة "عمل المرأة" من خلالها، وهذا التقدير الاجتماعي يتبعه الميول المهنية لدى المرأة، فهي تراعي أن تعمل خارج بيتها في قالب متقبل اجتماعيا ولا يقف كعائق دون تحقيقها لمكانة محترمة، يقابل ذلك النظرة الدونية للمرأة العاملة في المهن الأخرى المختلطة كالقطاع الصحي مثلا، بالرغم من تمكين المرأة من العمل كطبيبة وممرضة منذ مراحل مبكرة، وهذا يعني أننا تجاوزنا مرحلة التطبيع إلى أن أصبح الوضع طبيعياً، والمؤسف أن الرفض القائم يأتي بمقابل ضرورة العمل في المجالات الأخرى كاحتياج مُلح ينعكس بالمنفعة الذاتية والاجتماعية معا.

لو تأملنا وضع النساء العاملات في الأسواق الشعبية وعلى الأرصفة باعتبارها من الأماكن العامة المختلطة التي لا تخضع للتنظيم ولا تراعي أي شكل من أشكال الخصوصية المفترضة، لوجدنا المجتمع يتقبلها، وبناء على ذلك فإن المرأة تستطيع أن تشق طريقها بكل ثقة وبلا خوف، وبالإمكان أن تطرق الأبواب الأخرى بعيدا عن الانصياع لموروث المجتمع ووصايته، فمجالات عمل المرأة الآن تتعدى العمل في التعليم والصحة إلى مجالات عدة، تصل إلى مجال الاقتصاد بما يحويه من فروع مختلفة من تسويق وإدارة وريادة أعمال وغيرها، والمهم أن يأتي تطوير سوق العمل بتعدد العرض وليس بحصر الطلب، ففتح المجالات أمام عمل المرأة بالطريقة التي تتقاسم فيها الفرص مع الرجال، ستطرح بالضرورة توجهات متعددة ومختلفة تسمح بتعدد الخيارات، وعلى ذلك سيكون الاختيار إذا لم يوجد البديل، والمفترض أن تختار النساء ميولهن ورغباتهن ولا يسمحن للمجتمع بأن يحدد لهن هذه الخيارات.