بعد أن كان الاحتفاء بإنجازات الرواد الراحلين من الرموز الثقافية والوطنية بمثابة واجب ثقافي على المؤسسات الثقافية أو الصفحات الثقافية، التي لعبت دوراً محورياً في تعريف الجيل الجديد بسير الرواد، إلا أن الأمر يبدو مختلفا اليوم، حين تدخل (الصالونات الثقافية) الأهلية على الخط،

فإثنينية عبدالمقصود خوجة، أعلنت تغيير بوصلة اتجاهها في التكريم، الذي ظل لسنوات محصوراً على "الأحياء"، مقررة نحوها منحى جديداً في تكريم الرموز الوطنية الراحلة التي تركت بصمات واضحة في مسيرة العمل الإنساني، والاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي، ووفقاً لإدارة الاثنينية فإن إضافة هذا الخط تأتي من أجل "أن تستمد الأجيال الحاضرة والقادمة أهمية العمل الجمعي، ونكران الذات بعيداً عن الأضواء".

البداية ستكون الاثنين المقبل مع ابن القنفذة الراحل محمد بن سرور الصبان، أولى قطرات الندى في خط تكريم الإثنينية الجديد، بدءا مع الصبان الذي يطلق عليه الكاتب حسين بافقيه "أبوالليبرالية المحلية" والذي لعب دوراً محورياً ما بين (1898- 1971)، في الحياة السياسية، والأدبية، والاقتصادية. يعد الصبان من رواد وواضعي النواة الأولى لمؤسسات المجتمع المدني، حيث أسس 3 جمعيات مهمة في تلك الأيام، وهي الإسعاف الخيري (1934)، وجمعية قرش فلسطين (1935)، ولجنة الدفاع عن فلسطين (1937).

ورغم عدم اشتهاره كشاعر، إلا أنه كان شاعرا كتب الكثير عن تجاربه الشعرية، وأكثر ما لفت الانتباه له، قصيدة "يا ليل" التي لحنها وأنشدها الموسيقار محمد عبدالوهاب :"يا ليل صمتك راحة ** للموجعين أسى وكربا".

انتقل الصبان بأسرته إلى جدة 1320، وتلقى في كتاتيبها الدروس العربية والشرعية، ثم انتقل لمكة المكرمة، ودرس في مدرسة الخياط القديمة، ثم اشتغل مع والده في التجارة. عين مبكراً كاتب يومية ببلدية مكة المكرمة في عام 1336، ثم رقي إلى وظيفة محاسب، عينه الملك عبدالعزيز رئيس كتاب بلدية العاصمة المقدسة عام 1343، وسكرتيرا للمجلس الأعلى وترقى في الوظائف الحكومية حتى عين وزيراً للمالية، وعينه الملك فيصل أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي، 1962، وأسهم في إنشاء مكتبة ثقافية عامة في كل من جدة ومكة المكرمة.

الباحث أحمد بن عطية الذي يعد حالياً رسالة ماجستير، حول أثر "الصالونات الثقافية في المشهد السعودي - دراسة مقارنة بين المغرب والسعودية-، أشار في حديثه إلى "الوطن"، إلى أن توجه الإثنينية لهذا النوع من التكريم للرواد الراحلين، يعد إضافة جديدة للمسار الثقافي الذي تؤديه، مطالباً في الوقت ذاته، بضرورة إعادة إنتاج ما قدمه الراحلون من القيم.