عادت الحياة السياسية في لبنان لتنتظم من جديد، وسط هدوء جبهات القتال في طرابلس، وقيام الجيش اللبناني والقوى الأمنية بواجباتها على الحدود مع سورية، وداخل العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية. إضافة إلى نشاط ملحوظ للمجلس النيابي بعد تعطيل جلساته أكثر من سنتين، إذ تم تمرير عدة مشروعات وتجري دراسة أخرى، مع عودة الحيوية للشارع، حيث تجلت في تظاهرات واعتصامات مطلبية لفئات العمال والأساتذة والنساء أيضاً، مما يؤشر إلى عودة الأمور إلى طبيعتها.
ويبدو أن فريقي الصراع الأساسيين "حزب الله" و"تيار المستقبل" يعملان على تقديم تنازلات متساوية ومتزامنة تعكس الصيغة اللبنانية القائمة على شعار "لا غالب ولا مغلوب"، في وقت تبدو فيه الجهود الدولية متواصلة لتحقيق اتفاق بالنسبة إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد.
وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أصدرتا بياناً مشتركاً، أعلنتا فيه أن عدد النازحين السوريين في لبنان تخطى حاجز المليون نسمة، مما ينذر بكارثة تتفاقم جراء الاستنفاد السريع للموارد وقدرات المجتمع المضيف حتى نقطة الانهيار. وأطلق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس نداء استغاثة بقوله "في يوم إعلان المليون لاجئ نطلق في آذان المجتمعين العربي والدولي مليون صرخة للتحذير والاستغاثة وتأكيد الشراكة. هذه مناسبة لنداء إنساني وسياسي عنوانه لبنان لا يمكن أن يكون وحيداً". وأضاف: "'لا يستطيع الكوب أن يستوعب أكثر من سعته، فلبنان هو الأصغر والأكثر كثافة، فيما أعداد اللاجئين هي الأعلى، فإن لم يتضافر المجتمع العربي والدولي معنا لتحمل هذا الثقل الاستثنائي فإن المسألة تصبح قنبلة بشرية لا يسلم منها أحد ولا تعترف بحدود الدول". وتابع "لقد أبدى الشعب اللبناني سخاءً لافتاً، إلا أنه يواجه صعوبة في التكيف مع الأزمة، فلبنان يستضيف أكبر تجمع للاجئين والنازحين في التاريخ الحديث. لا يمكننا تركه يرزح بمفرده تحت كاهل هذا العبء".
في سياق أمني، طارد الجيش اللبناني3 سوريين بجرد عرسال كانوا يحاولون التسلل إلى لبنان. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أن الأشخاص المعنيين كانوا يستقلون دراجة نارية وأقدموا على الفرار وعدم الامتثال لأوامر عناصر الجيش رغم إنذارهم عدة مرات، ما اضطر عناصر الحاجز العسكري إلى إطلاق النار، حيث نجم عن ذلك مقتل أحدهم وإصابة الاثنين الآخرين بجروح. وقد تولّت الشرطة العسكرية التحقيق في الحادث بإشراف القضاء المختص.
في غضون ذلك، سجلت أمس مأساة إنسانية جديدة، عندما أقدم عامل سوري على الانتحار برمي نفسه من الطابق الخامس على أوتوستراد صربا شمالاً بعد طرده من عمله، رغم محاولات عناصر قوى الأمن وفريق الصليب الأحمر لردعه عن الانتحار. وتبين من بطاقته أنه يدعى عمر الحسين أحمد من الميادين في دير الزور ومن مواليد عام 1987.