قبل أسبوع كتب - هنا - الزميل علاء حمزة مقالا بعنوان: "المديفر.. في الصميم"، وامتدح فيه المذيع عبدالله المديفر ومهنيته التي يرى "أن لا غبار عليها"، لكن ما غاب عن الزميل "علاء" أنه لم يتنبه أن مهنية المديفر الإعلامية تسقط عند أول منعطف أيدلوجي لا يتوافق فيه مع ضيفه، فينحاز إلى التوجه والمنظومة الفكرية التي ينطلق من خلالها، حتى أن أسئلته/ اتهاماته التي يطرحها على ضيفه ـ الذي لا يطابقه فكريا ـ تقف على توجهات ورؤى مسبقة ومعلنة لتيارات مخالفة للضيف تضع المشاهد أمام خيارين، فإما أن هذه الأسئلة والمَحاور جاءت من أحد أعضاء التيار المخالف، وإما أن المديفر نفسه ينتمي للتيار المخالف، وهو ما كان واضحا وجليا في حلقة الأستاذ "حسن فرحان المالكي"، إذ خرج المديفر لنا "متعصبا"، كما هم معارضو "المالكي"!، وهذه بالطبع في العرف الإعلامي تعد سقطة مهنية؛ لأنه من الواجب والصحيح ألا يجعل المُحاور من توجهاته بوصلة تشير له نحو الأسئلة الأكثر ضيقا وحدة واستفزازا؛ كي يضع الضيف في زاوية الإجابات المعتمة واللا واضحة، فينقاد المشاهد لتأكيد صحة الاتهام الذي جاء في هيئة حزام استفهامي ناسف، وهذا ما تجاوزه "المالكي" باقتدار.

وعلى النقيض كان لقاؤه مع الواعظ محمد العريفي، الذي كان بينهما شبه توافق في زخرفة الخطاب الذي يمثله العريفي، فابتدأ المديفر الحوار باسما مرتاحا راكضا نحو الأسئلة الأقل حدة، والأسهل إجابة، والأكثر تلميعا لضيفه، فلم يتهمه كما فعل مع غيره، ولم يكن غير ممهد للإجابات وكأنه يعرفها مسبقا، حتى إنني كدت أصدق ذلك، إذ كانت أغلب إجابات العريفي مختومة بـ"وأنت تعلم"!.

أخيرا، متى يستطيع الإعلامي والمحاور العربي تكبيلَ توجهاته الفكرية قبل دخوله الأستديو؟.