سأضع في هذ المقال شهادة رجل عاقل على مشهد يراه يوميا، ويطمح أن يجد من يساعده في معرفة الأسباب واستخلاص العبر، ويخص ذلك سلوكيات اجتماعية، ليست لها علاقة بسياسات الدول والحكومات، التي عادة ما تبتعد عن الفعل الإنساني.

أقيمت هذه الأيام المباركة في إحدى مدن بريطانيا، وأمام المنزل الذي أسكنه، حديقة كبيرة، تكاد تتسع لستة ملاعب قانونية، هذا خلافا للحدائق الصغيرة المنتشرة في أرجاء الحي، والمفتوحة على مدار الساعة، والخاضعة للصيانة، نظيفة، خضراء، ذات أشجار باسقة، طبعا هذا ليس موضوعنا.

في هذه الحديقة التي أقصدها يوميا بغرض المشي وممارسة الرياضة نهارا، وبالمناسبة النهار هنا طويل جدا والشمس تغرب عند العاشرة، دعواتكم للمسلمين، يشاركني المشي عدد لا بأس به من الرجال والنساء والكلاب، بل إنه من النادر أن تجد أحدا يمشي بلا كلب أو كلبين إلا ذلك الذي يجري أو يلعب كرة قدم.

سألت إحدى السيدات عن سبب اصطحاب الناس لكلابهم بشكل يومي للحديقة، فأكدت لي أن الكلب يحتاج إلى نزهة يومية وإلا سينعكس ذلك على نفسيته وسيتعب، فقلت لها: "أحسنتم إلا تعب الكلب"، وأضافت: "أننا نعامل الكلب كأحد أفراد العائلة وله حقوق، يأكل ويشرب ويتحمم ويتنزه ويشاهد التلفزيون كذلك".

صرت في كل مرة أشاهد فيها رجلا أو امرأة يقود كلبا، أتذكر الحديث النبوي الذي ذكر قصة المرأة التي دخلت الجنة؛ لأنها سقت كلبا، وتلك التي دخلت النار؛ لأنها حبست قطة، فهل ينطبق ذلك على هؤلاء البشر، وما السر خلف كل هذه الحالة الإنسانية الرفيعة التي يحملها الإنجليز والغربيون عموما تجاه الحيوانات، والكلاب تحديدا؟!