من المستفيد الأول من إشعال المنطقة؛ سورية، فالعراق، فاليمن، ثم فلسطين.. أهو شهر عبادة أم شهر استفزاز؟ أفهم هجوم عدونا الصهيوني في هذا الشهر وفي غيره، ولكن لا أفهم كيف يحل بعض من يعد نفسه مسلما قتل مسلم وهما يتوجهان إلى القبلة نفسها، لا أفهم كيف يستبيح أحدهم قتل مواطن يشاركه الانتماء لوطن واحد، أليس أجدى بنا أن نوحد صفوفنا لنكون صفا واحدا في وجه عدو احتل ديارنا وتعرض لمقدساتنا ومارس الإرهاب على أهلنا، وهو ما زال يترقب إنزال الأذى بنا؟ لقد كنا نسمع عن عدو واحد الصهاينة ليس إلا.. واليوم أصبح أعداؤنا منا ومن غيرنا.

لا يمكن لنا عدم التأثر بالاعتداء الوحشي للصهاينة على سكان غزة، كما لا أقبل بجزم القائل إن من قام بخطف وقتل المستوطنين الثلاثة هم من هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك، فلن يقدم الصهاينة الدليل على ذلك، كما لم نسمع من الجانب الفلسطيني إلى الآن من يعلن مسؤوليته عن هذا الاختطاف.. والذي أعتقد ـ في هذا الشأن ـ هو ما أشار إليه محللون سياسيون صهاينة وفلسطينيون ورجال مباحث غربيون من أنه من المستبعد قيام الفلسطينيين بالخطف، ومن ثم القتل.

ثم لنكن واقعيين؛ هل يعقل أن يخطف الفلسطينيون ثلاثة مستوطنين ثم يقتلوهم، فالمتعارف عليه أن الفلسطينيين عندما يخطفون صهاينة يعمدون إلى ذلك لإتمام عملية تبادل أسرى، وهو ما تم عندما خطف الجندي الصهيوني (جلعاد شاليط)، فقد أطلق الفلسطينيون سراحه بعد ما يزيد عن أربع سنوات قضاها في الأسر، في مقابل الإفراج عن 1000 معتقل فلسطيني من السجون الصهيونية، وهذه الصفقة تعد الأكبر من جهة الصهاينة، وهي الصفقة التي تم رفضها من قبل الحكومة الصهيونية لسنوات.

إن من يتابع حديث "جلعاد " بعد الإفراج عنه، يدرك أن سياسة الفلسطينيين في عمليات الأسر لا تستهدف القتل، فهي لم تقتل "شاليط" وهو الجندي الصهيوني، فكيف تقتل مستوطنين.. وقد صرح للإعلام الغربي وبإسهاب أنه كان يعامل طيلة سنوات أسره معاملة طيبة.

ثم ما الفائدة التي ستعود على الفلسطينيين من جراء خطف وقتل المستوطنين الثلاثة؟.. وكيف لم تعمد إلى استخدامهم كأسرى للضغط على الحكومة الصهيونية واستخراج أموالهم المحبوسة عندهم، والإفراج عن المساجين.. إلخ، فالصهاينة الذين أفرجوا عن 1000 فلسطيني مقابل الإفراج عن الجندي الصهيوني، سيكونون مستعدين لتقديم المزيد في سبيل الإفراج عن ثلاثة مستوطنين بل وفي سبيل العيش في أمن وسلام ..

أعلم أن البعض يعتقد أني أشجع على الاختطاف، وله أقول إني هنا أحلل تحركات الفلسطينيين والصهاينة بناء على مواقف كل منهما تجاه قضايا مشابهة ليس إلا.

وعلى فرض أن أفرادا فلسطينيين لا علاقة لهم بهذا الفصيل أو ذاك من حيث الحراك السياسي والعسكري تصرفوا بشكل فردي كردة فعل لتعرضهم لإيذاء من هؤلاء المستوطنين فخطفهم ومن ثم قتلهم .. فالأمر ها هنا يقع عليهم لا على قطاع سكاني بأكمله، وإلا لكان لزاما على الفلسطينيين مهاجمة الكيان الصهيوني المحتل كلما وقع اعتداء أو قتل من مستوطن صهيوني لفلسطيني أعزل.. وهو كثيرا ما يحدث.. وبعلم وتجاهل السلطات الصهيونية وتجاهلها.

علما بأنه إلى لحظة كتابة هذه السطور خلفت المجزرة الصهيونية على قطاع غزة أكثر من 100 شهيد، و600 جريح، غالبيتهم سقط جراء القصف الجوي الصهيوني والتي وصلت غاراته إلى 322 غارة خلال 23 ساعة.

وجدير بالإشارة هنا أن المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة، "عبدالله المعلمي" في أثناء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي صباح (الخميس) الماضي والمتعلق بتصاعد العنف بين الصهاينة وقطاع غزة، قال: "الاستخدام غير المتكافئ للقوة" من قبل الجيش الصهيوني "غير مبرر"، داعيا مجلس الأمن "إلى التدخل فورا واتخاذ إجراءات لحماية السكان"..

كما أنه في لقاء تلفزيوني قال: "إن المملكة ما زالت تبذل كل الجهود الممكنة لتهدئة الأوضاع، ولكن العبء يقع على عاتق المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل التوقف عن هذا العدوان الكاسح"، كما أكد أن المملكة تدعم وبقوة أي مسعى تقوم به الحكومة الفلسطينية، وستدعمها إذا ذهبت إلى جنيف وستستمر في دعمهم في الأمم المتحدة وعلى نطاق مجلس الأمن". وأضاف أننا: "سنضع كل إمكاناتنا تحت تصرف الوفد الفلسطيني ونقف إلى جوارهم في كل ما يسعون إليه". كما وضح قضية هامة للغاية وهي أنه: "ينبغي ألا ننسى الضجة المصطنعة التي تفتعلها إسرائيل في الوقت الحاضر، ونحن ندعو إلى استئناف العملية السلمية التي تبنى على أساس وقف الاستيطان، وتبنى على أساس العمل على إزالة الاحتلال ورفع الحصار عن قطاع غزة، وهذا هو المطلب الأساسي في الوقت الحاضر، مطلبنا الفوري هو وقف القتل الذي يتم ليل نهار وبطبيعة الحال منع الغزو البري التي تهدد به إسرائيل في أي لحظة في الوقت الحاضر"، فقد أوضحت .. بجلاء هدفها الأساسي وهو تدمير حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وذلك بعد ما ذكره المندوب الصهيوني لدى الأمم المتحدة وهو يخادع المجتمع الدولي بأنها مسألة أمن ومسألة الدفاع عن النفس وما إلى ذلك، وأن هذه الادعاءات لن تنطلي على المجتمع الدولي".

أما وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور نزار بن عبيد مدني، فقد قال: إن إسرائيل نسفت عملية السلام، وتمارس أعمال التنكيل والقمع الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.. إن إسرائيل دأبت منذ فترة طويلة على القيام بعدة أعمال من شأنها تقويض كل محاولات تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ووقفت ضد إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، خاصة حقهم في إقامة دولتهم في فلسطين.