يعد محمد حسن الاتصالات التي ترد إليه من جهة عمله خارج أوقات الدوام "إزعاجا حقيقيا"، لأنها ـ بحسب قوله ـ ومهما كان مضمونها، فإنها كفيلة بأن تقلب مزاجه رأسا على عقب. يقول: "في بعض الأحيان يتصل بي زميل في العمل ليسألني عن معلومة بسيطة، أو ليطلب مني طلبا محددا، أو ليستدعيني لأداء مهمة طارئة، لذلك أرفض الرد على هذه المكالمات، لأن وقتي خارج العمل من حق أسرتي"، مشيرا إلى أنه لا يقبل مطلقا أن يتم تكليفه بأي عمل خارج دوامه، حتى ولو كان مقابل مبلغ إضافي.

وهكذا يعدّ البعض اتصالات جهة العمل به خارج أوقات الدوام الرسمي اعتداء على حياته الخاصة، لذلك يلجأ لطرق مختلفة لتجنبها، منها إغلاق الهاتف بعد الخروج من العمل مباشرة، أو الاعتماد على هاتف آخر، أو تحويل المكالمات، أو نحو ذلك.

وخلافا لرأي حسن، يرى الطبيب منير المسيري أن اتصال جهة عمله به خارج الدوام أو في أجازته الأسبوعية أو حتى السنوية أمرا عاديا، يقول "من البديهي أن تتصل بي المستشفى في أي وقت، لأن عملي يستلزم استدعائي في حال وجود حالة طارئة، وأنا أتقبل ذلك بصدر رحب، حتى ولو تم ذلك في ساعة متأخرة من الليل".

بالمثل يرى نبيل الساعد أن تلبية الموظف لمكالمات جهة عمله، وطلباتها حتى خارج الدوام تؤكد انتماءه لهذا العمل، مشيرا إلى أن الموظف في حال أحب وظيفته سيؤدي أي مهمة تتطلبها، حتى ولو كانت خارج الدوام.

وقال سلطان الغامدي "في البداية كنت أتقبل الذهاب لعملي خارج وقت الدوام الرسمي لأداء أي مهمة، حتى بدون مقابل، ولكن بعد أن تزوجت، وارتبطت بأسرة أصبح من المستحيل قبول العمل خارج الدوام، كون أسرتي أحق بذلك الوقت، خاصة أن مطالب العائلة زادت".

من جهتها، قالت المعلمة لمى الجشي، إن مديرتها تطلب أحيانا من بعض المعلمات الحضور خارج الدوام للتجهيز لزيارة ما في اليوم التالي، ولا تمانع في ذلك، لأنها تدرك أن ذلك لصالح العمل، مشيرة إلى أنها أحيانا تظل بالعمل حتى بعد صلاة العشاء لتسيير شؤون المدرسة.

ويشكو حسن الذي يعمل مستخدما بأحد المدارس من مديرته التي لا تترك له مجالا للراحة حتى خارج الدوام، حيث تتواصل معه ـ كما يقول ـ بالهاتف طوال الوقت لإنجاز بعض الأعمال.

يقول "توقعت أن هذا الأمر لن يأخذ أكثر من يومين، ولكن أصبح ذلك ديدن المديرة التي لا تتردد في الاتصال بي في أي وقت، حتى لو تجاوز ذلك منتصف الليل". وأضاف أن "هذه ليست معاناته وحده، بل أغلب المستخدمين بالمدارس، حيث تستغلهم الكثير من المديرات ويتصلن بهم في أي وقت، وتحت أي ظرف دونما مراعاة لأسرنا وحاجاتنا".

وبين الموظف سالم الزهراني أنه يرفض أي طلب من رئيسه خارج الأوقات الرسمية، إلا بتكليف، ويكون مقابل مبلغ إضافي مجز، لأن هذا الوقت من حقه، مشيرا إلى أنه يغلق هاتفه بمجرد خروجه من العمل.

من جهتها، قالت المحامية بيان زهران إن "ساعات العمل الرسمية محددة وفق النظام بثماني ساعات في الأيام العادية، وست في شهر رمضان، ومن حق العامل أن يرفض العمل خارج الدوام، ولا يكلف بمهام خارج الوقت المسموح به إلا بعد موافقته، وبمقابل مادي، وغالبا ما يكون المبلغ المرصود للساعة من الوقت الإضافي أكثر من مثيلتها من الدوام العادي"، مشيرة إلى أنه لا يحق لأي مدير إجبار الموظف مهما كانت الأسباب على العمل خارج دوامه.