شهدت أخيرا مكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة، الواقعة غرب المسجد النبوي، إقبالا من الزوار، وقفوا على ما تحتويه من مخطوطات وكتب نادرة، ومراكز للبحوث العلمية، ومن بين الكنوز والآثار التاريخية الموجودة فيها "خزانة المصاحف" التي استوقفت كثيرا من الزوار؛ لما تحمل من زخرفة ونقوش إسلامية جميلة.

وتشتمل الخزانة على 3 أبواب، أخذ الأيمن والأيسر منها شكل المحراب، والأوسط شكل القبة، يعلوها لفظ الجلالة مكتوبا بالحفر على الخشب ومطعما بالعاج، ومفصلات الخزانة مصنوعة من الفضة، وعلى جوانبها أعمدة فضية، وخرقت أبوابها بأشكال هندسية، وأشبه ما يكون شكل الخزانة إلى شكل ونقوش بوابات الحرم الشريف.

ويقول مدير المكتبة محمد الرحيلي، إن الخزانة مصنوعة من الخشب المطعم بالعاج وصدف وسن الفيل، مصنوعة في مصر، وأهدتها الأميرة أمينة باشة في عام 1328هـ، للحجرة النبوية، وأضاف أن الزوار لم يعلموا أن بداخلها كتبا، وأنها تفتح وتقفل مثل أي مكتبة حاليا ولها مفاتيح، وعندما فتحها أحد العاملين للتنظيف، تجمهر الزوار عليها، مؤكدا أن الكتب التي بداخلها قيّمة ونادرة، يعود تاريخها إلى القرن الثالث والرابع للهجرة، ومن ضمن هذه الكتب نسخة قديمة جدا لأبي زياد أحمد بن سهل البلخي، مزودة بالخرائط الجغرافية ورثها المؤمن من خزانة المهدي، وكتبت هذه النسخة عام 322هـ.

وبين الرحيلي أن المكتبة زادت من ساعات عملها؛ لكثرة مرتاديها في إجازة الربيع، إذ تستقبل الزوار على فترتين من الساعة 8 صباحا وحتى صلاة الظهر، ومن الساعة 4 حتى 10 ليلا.

وكشف الرحيلي أن المكتبة تبحث حاليا عن مقر بديل؛ لوقوع مقرها الحالي الملاصق لساحة المسجد النبوي الغربية في نطاق الإزالة، وأن مكتبة المسجد النبوي هي مكتبة مستقلة عن مكتبة الحرم المكي، وتتبع وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، موضحا أن لكل مكتبة موروثاتها الخاصة من المخطوطات القديمة والنادرة، وقال: ارتبطت مكتبة المسجد النبوي بوجود المصاحف والكتب الشرعية، وتأسيسها ارتبط بصفة عامة بمجالس العلم ومؤلفات العلماء والمحدثين، الذين كانت تعقد جلساتهم العلمية في المسجد النبوي، مبينا أن قدسية موقعها كان داعما للحفاظ على تاريخها وزيادة كنوزها العلمية، حتى أصبحت من أشهر مكتبات العالم، منوها أن موقعها بجوار الحبيب كان حافزا للخلفاء المسلمين وحكمائهم وموسريهم ومؤلفيهم على وقف مصاحف وكتب تحفظ في مكتب الحرم النبوي.

وأضاف الرحيلي أن مقتنيات المكتبة نمت، وبلغت أكثر من "15،722" مخطوطا أصليا. والمطبوعات الحديثة أكثر من 100 ألف كتاب تغطي معظم جوانب المعرفة.

وأبان الرحيلي أن وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي، جندت مجموعة من الشباب السعودي من أهل الاختصاص، يتولون مهمة القيام بخدمة الزائر للمكتبة من المعتمرين والحجاج في ثلاث فترات صباحية ومسائية حتى آخر ساعة من الليل.

وتضم المكتبة ضمن مجموعاتها مخطوطات نادرة للمصحف الشريف، من ضمنها مصحف شريف في 30 ورقة، بحيث تكون كل صفحة هي عبارة عن جزء، ويبدأ كل سطر في الصفحة بحرف "الألف". وكتب هذا المخطوط، على يد الناسخ عبدالباقي خان، في نهاية القرن الثالث عشر، ومخطوط لمصحف على شكل دوائر نسخه الحاج عبدالغني الوهبي عبدالغني سنة 1245هـ.

وتعد مكتبة الحرم النبوي من أهم المكتبات في العالم الإسلامي، إذ يعود تاريخ أقدم مصحف مخطوط بالمكتبة إلى عام "488هـ" وهو بخط على البطليوسي، وقد كتب على رق الغزال، يليه مصحف كتب عام "549هـ" وهو بخط أبي سعد محمد إسماعيل بن محمد، وأهدي عام "1253هـ". وحظيت المكتبة باهتمام كبير منذ بداية العهد السعودي، إذ اهتم الملك عبدالعزيز بها، وكون لجنة من العلماء لدراسة أحوالها، وأهدى إليها مجموعة من الكتب النادرة.

ومنذ ذلك الوقت استمر تزويدها بالمخطوطات وما يستجد من الكتب والمراجع والأجهزة الحديثة، التي تيسر على روادها استخدام أوعيتها المتنوعة.