يتذمر المواطن والمقيم من الإيقاف خلف قضبان المرور كعقوبة بالسجن الناتجة عن المطالبات المالية، بينما تتراكم المخالفات المرورية في رصيد الفرد؛ نتيجة الإهمال واللامبالاة إلى حد يعجز فيه عن سدادها، وقد تصل إلى قيمة تفوق سعر سيارته الأصلية، مما يدفع بالبعض إلى اقتراض مبالغ مالية من البنوك من أجل السداد.
على الرغم من تغليظ العقوبات على مخالفة السير وتطوير أنظمة الرصد الآلي، إلا أنها لم تحد من سلسلة الحوادث المميتة، التي يذهب الأفراد ضحاياها بمعدل 17 حالة وفاة يوميا في المملكة، حسبما تشير إليه الإحصاءات الصادرة من وزارة الصحة، إضافة إلى أن نسبة الحوادث المرورية تزداد في كل عام إلى نسبة من الأرقام المخيفة، التي يقابلها استهتار الشباب والتمرد الصريح على الأنظمة.
في المجتمعات الغربية يتداول الإعلام الحادث المروري كحدث نادر يستثير العناوين الإخبارية الهامة، وهناك يتعلم الأطفال في المدارس أصول التعاليم المرورية وقيادة المركبات، وتتكون هذه السلوكيات في الفرد حتى تصبح عادة لديه، بينما تحصد آلاف الأرواح سنويا في مجتمعنا من أسباب الحوادث في صمت قاتل، ولا شك أن الفرد الذي يولد في بيئة غير منظمة تفتقر إلى القوانين والآداب سيجد نفسه مقهورا، وسيشعر بالظلم إذا فرضت الأنظمة في الحياة الاجتماعية، وهو بالتالي يجد صعوبة في تعديل سلوكه وعاداته، ويظهر عاجزا عن التقيد بالنظام، فضلا عن عجزه عن إيجاد الحلول إذا أوقعته مخالفاته في مشكلة. ومن وجه آخر، تترتب على المخالفات الكثير من القيود والفروض النظامية، التي قد تبدو متضاربة أحيانا، فيمكن تسجيل مخالفة لعدم حمل الرخصة، بينما لا يتمكن الفرد من استخراجها إلا بعد سداد جميع المخالفات، كما يمكن للطفل القاصر قيادة المركبة إذا كان النظام يعدّه محرما لوالدته!.
فشلت التوعية المرورية في سد الفجوة التي تقع بين الفرد ونظام المرور، فلا يزال المواطن يطمس لوحة سيارته أو يخفيها ويتعمد المخالفة، إضافة إلى أن المواجهات وردود الأفعال العكسية التي تحدث نتيجة التعسف في التعاملات ـ كما جاء في آخرها بضرب أحد المواطنين في الأسبوع الماضي ـ غير كفيلة بإعداد الفرد للتعايش في بيئة يظهر فيها الأسلوب النظامي بالقوة، على عكس ما يجب في تعزيز مفهوم الفرد تجاه قيمة حياته بالحرص ومراعاة المصالح.