أي عبارات وأوصاف لن تكون أبلغ من (دموع) البرازيليين، الجماهير قبل اللاعبين والمدربين والمسؤولين مع تتالي الأهداف في ظرف دقائق وفي وقت قياسي مع مرور الدقيقة (29)، تهتز شبكة الحارس (سيزار) بالهدف الخامس والألمان يتراقصون، قبل أن يكملوا المسلسل في الشوط الثاني إلى السبعة مع الرأفة.

المشهد (عالمي) حقيقي في كأس العالم 2014 على أرض البرازيليين (مهد) الفن والإبداع والمتعة، والواضح جليا منذ الدور التمهيدي أن هذا المنتخب لا يمثل أي شيء من (السامبا)، وكان متوقعا أن يخسر وبنتيجة كبيرة في أي مرحلة، لكن ليس بالسبعة، ربما الثلاثة تكون مقبولة في ظل الفارق الفني والتكتيكي بين المنتخبين، والحق يقال إن المنتخب الألماني بقيادة مديره الفني (لوف) هو الأسرع والأمتع والأقوى حتى في دكة البدلاء، ولا سيما أنه أكثر استقرارا عن باقي المنتخبات.

أي تحليل لا يمكن أن يكون أبلغ من الأهداف والضياع النفسي والفني لجميع اللاعبين، عدا لويز ومارسيلو اللذين كانا يجريان في كل مكان على حساب التنظيم الدفاعي..!

والأغرب عدم وجود بدلاء البتة ممن يعوضون أي لاعب، وفي الأصل الأساسيون نصفهم أقل من أن يحملوا شعار البرازيل، وحتى لو كان المدرب ضعيفا فإننا لا نكاد نصدق أن من يلعب لهم صلة بعازفي (السامبا).

والفاضح جدا، أن "فيليب سكولاري" قدم أسوأ عمل ويتحمل المسؤولية كاملة في اختيار العناصر والإصرار على بعض من ليس لديهم أي شيء وفي مقدمتهم (فريد) الذي كان (فريدا) في السوء، لا تهديف ولا تمرير ولا تمركز ..!

وواضح جدا ضعف علاقة "سكولاري" بمستشاره المدرب المخضرم والخبير (كارلوس ألبرتو)، الذي لم أشاهده يتحرك من مقعده البتة في جميع المباريات، فقط يهمس في أذن المساعد الذي يتوسطه وسكولاري ..!!

ونحن نعرف فكر وأسلوب كارلوس، الدفاع أولا وبتنظيم صارم، بينما هذا المنتخب مع سكولاري لا دفاع ولا وسط ولا هجوم، علما أن خط الوسط يوجد فيه من لديهم بوادر فنية ولكنهم تلاشوا تماما في آخر مباراتين.

أجزم أن محترفين برازيليين في الدوري السعودي أفضل من لاعبين في هذا المنتخب، مثل نيفيز (الهلال)، ورافينها وفرناندو (الشباب) وإيلتون (النصر) وإيلتون (الفتح) وبرونو سيزار (الأهلي)، فما بالكم بآخرين محترفين في الدوريات الأوروبية بل حتى في أندية برازيلية، وهذا يبرهن أن سكولاري ومعاونيه أخطأوا في الاختيار ثم في التوظيف والتكتيك.

وحتى في المباراة (الصدمة) أول من أمس، لو كان سكولاري شجاعا وبصيرا في التكتيك وعلم النفس، لبادر بالتغيير في الشوط الأول بعد الهدف الثاني أو الثالث أو الرابع أو الخامس، علما أنه فشل في بديل المدافع الموقوف (تياجو سيلفا)، وبالطبع ليس هناك من يماثل (نيمار) الذي كانت إصابته بمثابة كسر العمود الفقري للمنتخب..!

تعاطفنا مع البرازيل حبا في كرة القدم كإرث للمتعة والتشويق، وكذلك كونها البلد المنظم طمعا في أعلى درجات النجاح، لكن لاعبيها الأشباح خذلوا جماهيرهم (الباكية) قبل أنصار الفن والمتعة في أي مكان، وبالمناسبة لا أستبعد أن بكاء الأطفال والمسنين في المدرجات من أسباب الرأفة الألمانية في الشوط الثاني واللعب على المضمون وزيادة الغلة التهديفية دون تكبد إصابات.

الشيء الوحيد الذي يحسب للاعبي البرازيل عدم تهورهم بالعنف أو الإيذاء للاعبي الفريق المنافس، وتسليمهم بجنون كرة القدم والتعبير عن حالتهم بالبكاء والاعتذار (للشعب).

في المقابل، لا بد من تقديم التحية للألمان على ماقدموه من دروس في فنون كرة القدم علما وعملا وتعاملا، واستثمار أي فرصة دون تعال.