أحدثت جدلا قبل أن تطرح، هكذا كان الحال حيال توصية تعتزم عضو مجلس الشورى الدكتورة موضي الدغيثر تقديمها هذا الأسبوع، وتطالب من خلالها وزارة الشؤون الاجتماعية بإلغاء برنامج كفالة الأيتام الجزئي "الأسر الصديقة"، لكونه ومن وجهة نظر مقدمة التوصية، لا يمتلك الصورة الشرعية.
واستبقت وزارة الشؤون الاجتماعية، وعلى لسان وكيلها عبدالله اليوسف، طرح التوصية، بتأكيده لـ"الوطن"، أن وزارته اعتمدت 12 إجراء مشددا في البرنامج، كما أنها راعت "المحرمية" في مسألة المبيت، باشتراطها أن تكون الاستضافة للمبيت لمن هم دون سن العاشرة، مضيفا "البرنامج حقق الكثير، ولا يجب أن ننظر للموضوع من زاوية ضيقة، فمجتمعنا خير وليس عبارة عن وحوش".
جدل فكري واجتماعي ينتظر أن تشهده جلسة مجلس الشورى الاثنين المقبل، حينما تطرح عضو المجلس الدكتور موضي الدغيثر، توصية تطالب بها وزارة الشؤون الاجتماعية بإلغاء مشروع "الأسر الصديقة"، والذي يعتمد على احتضان الأيتام لفترات محددة في السنة، وتحديدا في أوقات المناسبات العامة، كفترات الأعياد ومواسم الإجازات وخلافها.
وطبقا لما رشح لـ"الوطن" من معلومات من داخل المؤسسة البرلمانية، فإن هناك انقساما حقيقيا بين أعضاء الشورى إزاء تلك التوصية، التي وصفها البعض بـ"الكارثية"، لكونها تسعى لإعادة الأيتام إلى "المربع الأول"، وعزلهم عن المجتمع، وما يتبع ذلك العزل من انعكاسات سلبية عليهم وعلى غيرهم.
وأبلغت الصحيفة، مصادر متطابقة من داخل مجلس الشورى، أن العضو الدغيثر استندت في تقديمها لتلك التوصية على نحو 4 مسوغات؛ يأتي من أبرزها "عدم وجود صورة شرعية لمثل هذه الكفالة الجزئية"، و"تعرض بعض الأيتام للاستغلال من الأسر الصديقة".
وتشير مصادر مقربة، إلى أن هناك اعتراضات كبيرة من طيف واسع من أعضاء مجلس الشورى على تلك التوصية، ستكون حاضرة خلال الجلسة التي ستطرح فيها هذه التوصية، لكون أن هذه الخطوة من شأنها في حال الموافقة عليها، إعادة الأيتام إلى دائرة "العزل" التي عانوها منذ لسنوات طويلة، قبل أن تتمكن وزارة الشؤون الاجتماعية من إخراجهم منها عبر استحداث العديد من البرامج، ومنها برنامجا الأسر البديلة والأسر الصديقة.
وتشير بعض مسوغات التوصية إلى أن برنامج كفالة الأيتام الجزئي "الأسر الصديقة" له من الآثار النفسية الشديدة لعدم استقرار الأيتام في بيئة واحدة، وعدم وجود صورة شرعية لذلك البرنامج، وعدم وجود تقييم علمي ومحدد لمثل هذه التجربة ومدى مناسبتها لـ"البيئة المحلية"، وعدم تحديد ظروف أو أعمار محددة بناء عليها يوصى بهذا البرنامج.
ووكيل الوزارة يرد: نراعي "المحرمية" في مبيتهم
استبق وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للرعاية الاجتماعية والأسرة الدكتور عبدالله اليوسف، الجدل الذي ستثيره عضوة مجلس الشورى الدكتور موضي الدغيثر، التي شككت في شرعية برنامج "الأسر الصديقة" للأيتام، بتأكيده في اتصال مع "الوطن" أن الوزارة راعت موضوع "المحرمية" باشتراطها أن تكون الاستضافة للمبيت لمن هم دون سن العاشرة.
وطبقا لليوسف، فإن عدد الأسر الصديقة الحالية، والمستمرة بمنطقة الرياض، بلغ حوالي 38 أسرة، وهو ما عده مؤشرا على أهمية البرنامج في حياة الأيتام المقيمين بالدور، مؤكدا أن الطموح الموجود هو أن تكون لكل يتيم في الدور التابعة للوزارة أسرة صديقة تستمر معه لتسانده في مشوار حياته.
وفيما كان من أحد مسوغات العضو الدغيثر "عدم وجود تقييم علمي ومحدد لمثل هذه التجربة ومدى مناسبتها للبيئة المحلية، قال اليوسف إن هناك دراسات تمت في هذا الصدد من خارج الوزارة، وأكدت نتائج إحداها على أهمية برنامج الأسر الصديقة في حياة الأيتام ومساهمته في النمو الاجتماعي ونمو قدراتهم وما حققه من الاندماج الاجتماعي لهم وتغيير السلوك الاجتماعي لهم، وأهمية العمل على تعزيز تفاعل المجتمع معه، وهي دراسة أجراها الباحث فهد الجار الله، الدارس بقسم الاجتماع بجامعة الإمام.
وأضاف وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية أن جميع الأبناء الأيتام ممن حظوا بالدخول في برنامج الأسر الصديقة ولو لفترة طفولتهم المبكرة فقط استمرت علاقتهم بالأسرة بعد خروجهم من الدور أو زواجهم، وهذا مؤشر لأهميتها وحاجة الأبناء في مستقبل حياتهم للارتباط بأسرة.
وأوضح اليوسف أن الاندماج في موضوع "الأسر الصديقة" لا يتم إلا عبر 12 إجراء، بما فيها أخذ التعهدات الخطية على الأسر بالمحافظة على الطفل ورعايته أثناء وجوده معها، وتكون هناك زيارات تمهيدية في بادئ الأمر لمدة ساعتين للتكيف مع الأسرة، كما يراعى جنس الطفل (ذكرا أم أنثى) عند الاختيار بحيث يكون أطفال الأسرة من نفس الجنس والمرحلة العمرية قدر الإمكان، أما في حال رغب الطفل عدم الاستمرار مع الأسرة فيحقق طلبه وتدرس الأسباب.