البذرة الفاسدة لأصحاب الأعلام السود "داعش" تشكلت في العراق منذ سنوات؛ حين اجتمعت مجموعات مسلحة بقيادة البغدادي لتقوم بأعمال إرهابية؛ بحجة مقاومة الوجود الأميركي والميليشيات الشيعية؛ وظلّ هذا التنظيم يتغذى في المناطق السنية من تعصب المالكي وحكومته ضدهم؛ لكن أهلها السنّة هم أول ضحايا أعمالهم الإرهابية؛ فنمى وكبر على عين من حكومة المالكي؛ لتكون حجته في مقاومة أي معارضة سنيّة له وتبرير الاغتيالات والسجن لمعارضيه؛ ولم يكن تنظيم البغدادي حينها شيئا يُذكر؛ إلى أن اندلعت الثورة السورية ودفع بها بشار الأسد إلى الطائفية بخبث سياسي؛ لتبرير طائراته وقنابله على المدنيين الأبرياء؛ ولأنه يعلم جيدا أن استفزاز الإرهابيين لا يحتاج إلا لجرائم طائفية ضد المدنيين في المناطق السنية بسورية؛ ناهيك أن الفصائل الإرهابية في أساسها تستمد وجودها وتتغذى ماديا على الخلافات والتوتر الطائفي السياسي؛ إذ سيحقق لها وجودا آمنا في ظل الفوضى كما يُمكنها من تجييش الأفراد للانتماء إليها باستغلالهم دينيا أو ماديا أو بدفعهم للانتقام؛ هذا الفصيل الإرهابي في سورية استطاع استغلال الجيش الحر وضعفه بوقت لم يعترف الغرب به مع قلة الدعم السياسي له؛ وكان السيناريو الحاصل اليوم معروفا سلفا؛ فإهمال الغرب للوضع السوري نتيجته تكونت شبكات الإرهاب؛ ولطالما حذرت السعودية من ذلك.
وهكذا؛ استمر الوضع حتى اختلف الفصيل الإرهابي في "النصرة" وخرج "داعش" وانقلبوا على المعارضة السورية بدلا من النظام؛ وأظهر كل منهما وجهه القبيح لأهل السنة أنفسهم بعد السيطرة على مناطقهم؛ وفجأة سمعنا عن داعش في العالم الافتراضي! ورأينا مقاطع وصورا مصورة لا نعرف إن كانت مزيفة أو مركبة أو حقيقية لنحر وصلب وجلد مع تكبير وأعلام سوداء واستعراضات مسلحة! كانت داعش تتعامل بدهاء مع العالم الافتراضي وتتحول ككرة ثلج تكبر وتتمدد بتضخيم الإعلام الساذج! وكان هدفهم رمي الخوف عبر حرب افتراضية باردة! فنحر بضعة أشخاص واللعب برؤوسهم سيدفع بكثيرين للزحف إلى الوراء حين يتقدمون، وبدلا من توجيه السلاح ضد نظام بشار توجهوا به إلى الجيش الحر! ثم أعلن البغدادي وجود الدولة الإسلامية في العراق والشام وسيطروا على المناطق السنية التي سلمها بشار بدم بارد لداعش، ليكونوا عقابا للثوار في المناطق السنية، وكأن بشار يقول لهم لم ترغبوا بي فهاكم جحيم داعش! فيما هو يتمتع بقصر الحكم ونظم الانتخابات ونزل الشوارع دون خشية منهم!! ذات الأمر حصل في العراق حين اندلعت الثورة على الطاغية المالكي بالمناطق السنية وسمعنا سريعا بعدها بوجود داعش وتلوث الثورة بهم في استعراضات افتراضية، وسلم المالكي لداعش أيضا بدم بارد المناطق السنية كعقاب لأهلها متبعا سياسة الأسد، بحجة انسحاب الجيش رغم أن الأخبار نقلت أن قيادات الجيش العراقي انسحبت، فماذا سيفعل الجنود بعدهم سوى الانسحاب!!
إن ما حصل قد حصل؛ لكن من الضروري معرفة من الذي يلعب بكرة "داعش" لتخدمه!؟ ولماذا سطع نجمه فجأة بعد سقوط "الإخوان المسلمين" في المنطقة العربية؟!
أخيرا؛ تذكرتُ مقولة للإسكندر الأكبر أحد أبرز قادة التاريخ إذ يقول: "لا أخاف من جيش من الأسود يقوده خروف؛ بل أخاف من جيش من الخراف يقوده أسد!!"