تحولت مواقع إلكترونية تروج للزواج إلى ما يشبه أوكارا للخداع والاحتيال، وبؤرا تروج للرذيلة، وذلك حسب عدد من شهادات بعض الفتيات اللاتي التقت بهن "الوطن". وبات كثير من العوامل تدفع الشباب والفتيات إلى دخول هذه المواقع، ومنها ارتفاع حالات عضل الفتيات بالإضافة إلى العنوسة وكذلك ارتفاع حالات الطلاق، الأمر الذي حذر منه كثير من المحللين الاجتماعيين والنفسيين. وفي ظل ارتفاع قضايا "العضل" خلال العام الجاري إلى 78 دعوى، قالت إحدى من تعرضن لـ"العضل"، ولديها حاليا قضية منظورة شرعاً، إنها توجهت منذ فترة للمواقع الإلكترونية المرجوة للزواج. وأضافت في حديثها لـ"الوطن": "أوهمت نفسي بأن لي كل الحق في البحث عن الزواج المناسب، وذلك بعد أن منعني والدي من الزواج بالشخص الذي تقدم لخطبتي، فاكتشفت أن كل هذه المواقع لم تكن سوى بؤر للرذيلة".

وأكدت فتاة أخرى، في أواخر العشرينات من عمرها، أنه خلال فترة تسجيلها في أحد مواقع الزواج الشهيرة، تلقت عدة رسائل تدعوها لممارسة "الرذيلة" ولم يكن طلبا واحدا للزواج. وقالت: "كنت أعتقد عند دخولي لهذا الموقع أنني سأجد أشخاصا جادين يبحثون عن الزواج، ولكن ذلك لم يكن سوى وهمٍ، فقد انكشفت حقيقتهم وبانت أهدافهم، فعرفت أن هذا الموقع وغيره أماكن لا تليق بالفتاة المسلمة ولا بأي سيدة تبحث عن حياة كريمة وفقاً للعرف الاجتماعي والدين الحنيف".

وفيما يتناقل عدد من رواد الشبكات الاجتماعية أسماء وعناوين لخاطبات، وبعضهم يحذر من الوقوع ضحية لنصبهن، قال استشاري الطب النفسي والأسري الدكتور علي الزائري، إن هناك تخبطا وعشوائية وفراغا هائلا لا تشغله مؤسسات المجتمع بشكل عام، مما ولد فراغا استغله المحتالون والنصابون للتحايل على شبابنا وبناتنا وابتزازهم ماديا وأخلافيا والعزف على الوتر الحساسي وهو "الاحتياج العاطفي" للفتيات البريئات خاصة ممن فاتهن قطار الزواج.

ويضيف الزائري أنه يجب على الدولة والمؤسسات الحكومية والمجتمعية بتشكيل لجان مختلفة وتقنين هذا الموضوع، الذي يخص حياة أبنائنا وبناتنا بشكل مباشر وقطع الطريق على مواقع الزواج التي تكون غالبا مؤسسة في الخارج وتستهدف السعوديين. وتابع: يجب على الأسر ألا تترك أبناءها وبناتها في مهب الريح، وأن لا يصبحوا فرائس سهلة لهؤلاء النصابين، كما يجب أن تسهل أمور الزواج بتجاوز العقبات الاجتماعية والمالية.

وأكد الزائري أن آخر الإحصائيات تؤكد وجود نحو مليون ونصف عانس في المملكة، في ظل ارتفاع نسب الطلاق أيضا، بالإضافة إلى ارتفاع معدل عمر الذكور القادرين على الزواج، وكل هذه الأمور تقود إلى مجتمع متفكك وثغرات تستغلها عصابات معينة حاقدة على أمن المملكة وتماسك مجتمعها.

وكانت "الوطن" قد نشرت نهاية الشهر المنصرم إحصائية لوزارة العدل تخص قضايا العضل في المحاكم، والتي تم تحريكها في المحاكم العامة في مدن "الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة، والدمام"، وجاءت الرياض وجدة، من أكثر المدن تسجيلا لقضايا عضل الفتيات منذ بداية العام، بما مجموعه 53 قضية، بواقع 36 دعوى استقبلتها المحكمة العامة في الأولى، و17 دعوى استقبلتها نظيرتها في الثانية. وفيما احتلت مكة المكرمة، ثالث الترتيب بواقع 11 قضية عضل للفتيات، وتساوى عدد دعاوى العضل المرفوعة ضد أولياء الأمور في كل من الدمام والمدينة المنورة، بواقع 7 دعاوى لكل منهما. وأشارت المصادر، إلى أن قضاة المحاكم التي استقبلت دعاوى العضل، قاموا فعليا بتزويج الفتيات اللائي ادعين عضلهن من قبل ولاة أمورهن.

يشار إلى أن المحاكم ذاتها، استقبلت خلال العام الماضي، 304 دعاوى عضل، إذ احتلت كل من الرياض وجدة كذلك موقع الصدارة في ترتيب مثل هذا النوع من القضايا، بتسجيل الأولى لـ107 دعاوى، والثانية لـ96 دعوى.