قبل أن أعرض عليكم هذه التجربة الحية الرائعة، لابد من القول مجدداً، إن كل المجتمعات قابلة للتطوير والتغيير.. لكن لا بد من تهيئة المناخات الملائمة.. مؤسسات المجتمع المدني وسيلة حضارية لبناء أسس الحياة السليمة في المجتمع.. هناك في كثير من دول العالم من يعدها حكومة ظل رديفة.
وحينما أراهن على فعاليتها في مجتمعنا السعودي، فأنا لا أتحدث من فراغ، ولا أذر الرماد في العيون.. بل وقفت على شواهد كثيرة.. اليوم سأحدثكم عن واحدة منها، حديثي ليس من باب الفخر والاعتزاز، وإن كنت لا أخجل من الاعتراف بذلك.. لكن أريد منكم فقط أن تلاحظوا حجم العمل ونوعيته، وأن تتأملوا مقدار الاكتفاء الذاتي الذي تحقق لأيتام هذه المحافظة البعيدة عن العين!
جمعية "رؤوم" - الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام في رفحاء في أطراف الحدود الشمالية لمملكتنا الغالية.. سأقول لكم باختصار شديد جداً: يبلغ عدد الأيتام في رفحاء 397 يتيما، هؤلاء كانوا في يوم من الأيام يعيشون على ما تقدمه لهم الحكومة.. ما الذي تقدمه لهم هذه المؤسسة الخيرية اليوم؟
كل يتيم يحصل على مبلغ مقداره 250 ريالا وتصرف بشكل شهري عن طريق بطاقة صراف.. تحصل والدته على مبلغ 300 ريال شهرياً.. تحصل كل أسرة أيتام شهرياً على بطاقة تموين غذائي مجاناً تحفظ كرامة اليتيم وكرامة أسرته، من خلال إتاحة خيارات غذائية متنوعة لهم، يخفف عليهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية.. يحصل كل يتيم على إعانات طارئة مالية وطبية وإعانة أجهزة منزلية عند الحاجة، إضافة لبرنامج الصيانة الخاص بإصلاح أي أجهزة كهربائية يستلزم إصلاحها في منزل الأسرة، إضافة لصرف بطاقات ممغنطة خاصة بشراء الملابس.. سأتوقف هنا!
- كل موارد الجمعية يتم تحصيلها عن طريق التبرعات المتنوعة، والأوقاف ودعم المجتمع في رفحاء وخارجها.. أسأل نفسي - وأسألكم - ماذا لو كان لدينا جمعية خاصة بالمعاقين؟.. وأخرى خاصة بالأمراض المستعصية.. وجمعيات للخدمة الاجتماعية وغيرها.. ماذا لو كان لدينا في كل مدينة جمعيات مماثلة بنفس الأداء والانضباطية؟!