تعد الحوادث المرورية من أكثر مسببات الوفيات أو الإعاقات بمختلف أشكالها ودرجاتها في مجتمعنا؛ فآخر إحصائية للأشهر الأربعة الأولى من عام 1435، تشير إلى أن عدد الحوادث المرورية بلغ 162690 حادثا مروريا نتج عنها 12189 إصابة، و2434 حالة وفاة، هذا بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية التي تنتج عن هذه الحوادث المخيفة في الحجم والنوع، وهذه الحوادث المرورية في الغالب تعود لعدة أسباب من أهمها عدم الالتزام بالأنظمة المرورية واحترامها من قبل عدد كبير من قائدي المركبات ومستخدمي الطريق، ومما أسهم في زيادة عدد الحوادث المرورية هو غياب تطبيق نظام المخالفات المرورية بشكل كامل ومستمر في أي مكان وفي أي زمان، وإذا أردنا أن نحصر المخالفات أو السلوكيات المرورية السلبية نجدها متعددة ومتنوعة في مدننا وفي طرقنا الطويلة التي تربط بين مدننا ومحافظاتنا، ومن أهم السلوكيات المرورية الغائبة أو السلوكيات السلبية التي نشاهدها، ويشاهدها رجال المرور في كل يوم هو عدم الالتزام بالسرعة المحددة، وتعمد كثير من قائدي السيارات إلى تجاوزها داخل المدن أو خارجها، وعدم الالتزام بالسرعة المحددة قد ينتج عنه كثير من الحوادث المرورية القاتلة نتيجة للسرعة الجنونية التي تجعل قائد المركبة يفقد السيطرة على السيارة، ولا يستطيع التحكم فيها، أما السلوك المروري الآخر الغائب فهو عدم احترام مستخدمي الطريق من قائدي المركبات للمشاة، أو مراعاتهم في أثناء استخدامهم للممرات أو أماكن عبورهم، ولذلك نقرأ أو نشاهد في التلفاز بين الحين والآخر أن هناك حوادث دهس نتيجة لهذا السلوك المروري الخاطئ، وهنا أرى أنه على قائدي المركبات أن يعطوا الأفضلية للمشاة، ولعبورهم الطرقات لكي نحافظ على الأرواح البريئة من الدهس والهلاك، ومن يخالف ذلك تتم معاقبته بشكل قاس، ولا يكون هناك تهاون في هذا النوع من المخالفات أو التجاوزات، كما أن هناك عدم تفعيل أو استخدام صحيح للإشارات الضوئية في أثناء الالتفاف جهة اليمين أو الشمال، بل كثير من قائدي المركبات لا يستخدمونها وقد تكون لا تعمل.
أما السلوك المروري الخاطئ الآخر الذي نلحظه يوميا في شوارعنا فهو يعود إلى شعور كثير من قائدي المركبات بأنه لا يوجد سواهم في أثناء قيادتهم لمركباتهم في الطرقات، وأنهم الوحيدون في استخدامها، فهم يرمون النفايات في شوارعنا من سياراتهم دون مراعاة الآخرين الذين يشاركونهم في الطريق، وما قد يتعرضون له نتيجة لهذا السلوك الخاطئ، وبهذه التصرفات هم يعملون ضد "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، كما أنهم ينتقلون من مسار لآخر في الطرق السريعة، أو الشوارع متعددة المسارات دون مراعاة للآخرين أو إبلاغهم بالإشارة الخاصة إلى الالتفاف برغبتهم في الانتقال من مسار لآخر، وهذا السلوك المروري المخالف تعاقب عليه كثير من الدول ففي بريطانيا وأميركا لا بد من استخدام الإشارة للانتقال من مسار إلى آخر، ومن لم يعمل بذلك تتم محاسبته من قبل رجال المرور، أما عندنا فيتم الانتقال من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في شوارعنا وبدون أي سابق إنذار ولا تتم معاقبة من يرتكب هذه المخالفة، وينتج عن ذلك في كثير من الأوقات حوادث مرورية مختلفة.
السلوك المروري الخاطئ الذي يمارسه البعض هو قيادة السيارة وأحد الأطفال في يد قائد السيارة أو في حجره، ويشتغل بالطفل ولا يركز على القيادة، ولا يهتمون بسلامة الأطفال داخل المركبة، وهنا أتمنى من الإخوة قائدي السيارات أن يركزوا على القيادة ويراعوا الآخرين ممن يستخدم ويشاركهم الطريق، ولا ينشغلوا بمن حولهم في السيارة بما قد يعرضهم ويعرض الآخرين للخطر، أما المشكلة الأخرى التي نلاحظها كسلوك خطير من كثير من قائدي السيارات فهو الاستخدام المفرط للهاتف الجوال حيث يتم الرد على المكالمات أو القيام بعمل المكالمات، وهذا يؤدي إلى انشغال السائق عن القيادة، ويؤدي إلى حدوث العديد من الحوادث في مدننا، كما أن هناك كثيرا من الشباب يستخدمون الجوال في كتابة، أو إرسال رسائل نصية، أو قراءتها، أو تصفح البريد الإلكتروني، أو حتى اللعب ببعض الألعاب المتوافرة في جهاز الهاتف في أثناء القيادة، وهذه السلوكيات المرورية الخاطئة تتسبب في ارتفاع نسبة الحوادث في شوارعنا، وهنا لا بد من وجود نظام يحاسب مستخدمي الهاتف النقال في أثناء القيادة ويتم تطبيقه بصرامة لأن آثاره السلبية على المجتمع كبيرة جداً، وإذا لم تتم معاقبة مرتكبي هذه المخالفات وبشكل مستمر ستزيد نسبة الحوادث المميتة في شوارعنا، وهنا أرى أنه في حالة ورود مكالمة على الهاتف لا يتم الرد عليها، أو الوقوف في مكان آمن ويتم الرد أو عمل المكالمة أو غير ذلك من التصرفات الخاصة بالهاتف النقال.
والمتتبع للإشارات المرورية واللوحات الإرشادية يجدها في شوارعنا، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذه الإشارات يتم احترامها، أو العمل بمحتواها، أم هي جزء من إكسسورات الشوارع فقط؟ في كثير من الشوارع نجد أن هناك تدرجا في السرعات، ولكن واقع القيادة في هذه الشوارع بأعلى من السرعة القصوى فيها ولا محاسبة، ولا متابعة على أقل تقدير من الجهات المختصة، ولذلك أي جهود في سبيل تصحيح هذه الأوضاع والتخلص من هذه السلوكيات الخاطئة قد يتطلب جهودا توعوية كبيرة، وتشريعات واضحة لجميع قائدي السيارات قبل أن يتم تطبيق الأنظمة والقوانين المتعلقة بهذه المخالفات المرورية، وهنا أرى أن وسائل الإعلام المختلفة عليها دور كبير ومسؤولية عظيمة في التوعية بأهمية الالتزام بالأنظمة المرورية، وتوضيح ما قد يترتب على عدم احترامها وتطبيقها على المجتمع بصفة مباشرة، وغير مباشرة. وعند البدء في تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بذلك يتم تطبيقها بدون تهاون وبشكل مستمر؛ لأن كثيرا من الناس تعودوا على أن تطبيق أي نظام لا يستمر على طول، بل يبدأ بداية متحمسة ثم يبدأ في التقلص حتى يتلاشى مثلما حدث أثناء حملة ربط الحزام أثناء القيادة، وغيرها من الحملات الأخرى، وهنا أتمنى أن تعرض قنواتنا التلفازية بعض المقاطع للقيادة في بعض الدول التي تطبق وتحترم قوانين المرور مثل ربط الحزام، والالتزام بالسرعة المحددة، ومراعاة عبور المشاة، وآليات الانتقال من مسار لآخر، وغير ذلك من السلوكيات المرورية الغائبة في مجتمعنا.