ذكرت في مقالة أمس، معطيات بالإمكان الانطلاق منها، بدلا من الترويج للحشيش والمخدرات والتدخين عبر منبر الدراما، وجعل مشهد التعاطي باعثا على البهجة والترويح عن النفس.

الواجب علينا الانتقال بصورة جادة إلى مكافحة الترويج والتكريه في المخدرات، فالعقل والإبداع اللذان يصنعان مشاهد للترغيب، قادران على صياغة مشهد مقبول ينتهي بالتنفير منها.

البداية بمقاطعة كل من يقدم دراما أو مواد إعلامية سمتها ترويجية، ووضع التوعية بالمخاطر وعدم حجبها، أو رفع نسبة طرح مشاهد تحمل رسائل الترويج مقابل مشهد مهلهل للندم أو اعتراف بالأضرار لأنه ذر للرماد في العيون.

والمسؤولية الأكبر تقع على "هيئات الإعلام" ودورها في حماية المجتمع، وأن تفرض المقاطعة، وتحدد الجرعة البصرية، وتلزم قطاع الإنتاج والفنانين، في حال طرح المتعاطي كحالة من حالات التعبير، بتجنب ترغيب البسطاء والمراهقين والبؤساء في تعاطيه، وعدم طرحه كمتنفس وأسلوب ترفيه وربطه بخفة الظل؛ لأن الأصل في تجريم وتحريم المخدرات ناتج من أنها تذهب العقل، وتفقد الإنسان أهليته وصحته، وتسهل استغلاله وابتزازه، وتحطم حياته وحياة المحيطين به.

من جانب آخر، علينا اعتبار قطاع الترفيه والترويح عن الشباب بديلا، يمثل تحديا يجب إنجاح مساعيه، وتبديد الصمت الموجه لتعاطي المراهقين دون حماية أو تكريه وتحذير على الأقل، وبواسطة وسائط الإعلام والمنابر المقربة منهم، على أن يكونوا شركاء أساسيين في وضع أفكار المكافحة.

كانت هناك دعوة مهمة لتشكيل "هيئة وطنية للترفيه في السعودية"، ليس فقط لتنمية صناعة السياحة السعودية، بل لتكون جزءا من تحصين الشباب، وقطع الطريق على التربح من خلال العبث بشبابنا. تنشيط صناعة الترفيه بالضرورة سيكون المعادل المنطقي لمحاولة اختراق الشباب، وتلويث فكرهم وصحتهم بالمخدرات، وخفض نسب التعاطي والتطرف والعدوانية نتيجة وجود متنفس، إلى جانب ضرورة طرح مبادرات اجتماعية، يتشارك فيها المجتمع ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص.

وعلى سبيل المثال؛ لدينا شرائح تفضل الترفيه من خلال "رياضة السيارات"، التي تواجه أزمة تحتاج دعما حتى تكون من عناصر الجذب السياحي والترفيهي، اتحاد هذه الرياضة واجه مشكلة الحصول على التراخيص اللازمة في صناعة ونشر الفعاليات المرتبطة بمختلف سباقات السيارات والدراجات، رغم أهميتها سياحيا واقتصاديا واجتماعيا.

المجتمع السعودي في حاجة إلى تفعيل قطاعات مهمة مظلتها سياحية ترويحية، مع مواجهة صادقة وحقيقية لأزمات الشباب، وجعلهم شركاء في الحل، وجعلهم جزءا رئيسا منه.

وقبل مطالبتهم أن يكونوا صالحين، على البيئة التي تطالبهم بذلك تقديم فرص الإصلاح، وجعلهم من أولوياتها بالاستثمار فيما يحميهم ويحصنهم.