كثيرة هي الكلمات والموضوعات في عقلي، تزاحمت على قلمي، لدرجة أنني لم أعد أعلم ما يكتب وما يرسل للنشر وما يؤجل!

هل أكتب عن تجربتي التراثية الثقافية في الولايات المتحدة، التي رغم حداثة سنها كدولة إلا أنها أصبحت لديها تجربة في المحافظة على التراث المادي واللامادي تخولها نقل خبراتها إلى دول أقلها يعادل عشرة أضعاف عمر الولايات المتحدة الأميركية.

أم أتحدث عن استقبالنا لشهر الخير والمغفرة والرحمة، أم أوثق ما تعرضت له فلسطين المحتلة من قصف عنيف من جانب الطيران الحربي للقوات المحتلة في أول أيام شهر رمضان، مصحوبا بصمت وعمى وبكم المجتمع الدولي، رغم وجود ضحايا ليسوا مدنيين فقط، وإنما أطفال.

أم عن موضة داعش ومموليها الـ131 الذين يتنوعون بين: دعاة وإعلاميين وأكاديميين ينتمون إلى 31 دولة من مختلف أنحاء العالم، منهم 28 سعودياً، بناء على الوثائق الصادرة عن حكومة الولايات المتحدة الأميركية، حيث تم ذكرهم بأسمائهم ومجالات عملهم، وعلى الرغم من وجود أكاديميين من حملة درجة الدكتوراه، لم يقم أحدهم بمساءلة ما جاء في هذه الوثائق أو على ا?قل إنكارها!

أم هل عليّ أن أشوش على القراء بذكر ما دار في برنامج: (في الصميم) حلقة الدكتور عبدالعزيز الفوزان عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان أستاذ الفقه المشارك رئيس قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء سابقاً، حيث كان الدكتور يبالغ في حديثه عن حقوق المرأة في وطني الذي جعلني أشك للحظة أنني لا أتقاسم معه نفس الأرض باستشهاده بباحثة غربية مجهولة الاسم والمصدر "عاشت في السعودية أعواما، ولما عادت إلى بلدها قالت إن ما رأته أن الرجل عندنا يكاد يكون خادما للمرأة"! وقال أيضا ثلاث جمل جميعها تنفي بعضها بعضا، في ا?ولى ذكر نصا أن "في أنظمتنا المستمدة من الشريعة حقوقا للمرأة أكثر مما عند الغرب كله، لكنهم لا يعرفون عنها شيئا"، ثم قال: "لدينا أنظمة وقوانين رائعة تضمن للمرأة حقوقها، لكن الخلل في تنفيذ هذه القوانين"، ثم ختمها بقوله: "أنظمة حقوق المرأة في السعودية هي الأفضل في العالم".

آمنا بجهل الغرب أجمع وعدم معرفتهم بحقوق المرأة في أنظمتنا، تلك التي ـ حسب كلامه في الجملة الثانية ـ يقع الخلل في تنفيذها، مما يجعلها غير مطبقة، وعلى الرغم من ذلك فهي الأفضل في العالم!

وليته اكتفى بذلك، لكن عندما سئل عن قيادة المرأة للسيارة أجاب: "قيادة المرأة للسيارة غير محرمة من حيث الأصل، لكنها سوف تعرضها لمحظورات شرعية مثل التحرش، وهذا ما نخشاه".

واستشهد بسؤال سأله للشيخ ابن عثيمين، وهو سؤال مسجل لديه يقول فيه: "هل يجوز للمرأة المسلمة قيادة السيارة في أميركا؟ فسأله الشيخ ابن عثيمين: هل هي آمنة؟ قلت له: نعم يا شيخ. أجاب ابن عثيمين بجواز قيادة المرأة للسيارة".

سؤالي هنا: هل أميركا الدولة التي قال عنها الدكتور عبدالعزيز في نفس الحلقة إنها "أظلم دول العالم في تعاملها مع المسلمين" أكثر أمنا من دولة مسلمة تحكم بشرع الله، ويقصدها المسلمون من جميع أنحاء العالم لأداء مناسك الحج والعمرة بأمن وأمان!

ورغم كون الدكتور عضوا في مجلس هيئة حقوق الإنسان إلا أنه قال: "قد توجد تصرفات فردية خاطئة عند بعض رجال الحسبة، لكن هذا ليس مسوغا لإلغاء الشعيرة وترك الناس يفعلون ما يريدون"، وقال أيضاً: "تمنيت أن المملكة لم توقع على اتفاقية سيداو"، ولمن لا يعرف هذه الاتفاقية فهي: معاهدة دولية تم اعتمادها في 18 ديسمبر1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للنساء. أي القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وعلى أن الدول المصدقة على الاتفاقية المطالبة بتكريس مفهوم المساواة بين الجنسين في تشريعاتها المحلية، وإلغاء جميع الأحكام التمييزية في قوانينها، والقيام بسن أحكام جديدة للحماية من أشكال التمييز ضد المرأة. وكذلك عليها إنشاء محاكم ومؤسسات عامة لضمان حصول المرأة على حماية فعالة من التمييز، واتخاذ خطوات للقضاء على جميع أشكال التمييز الممارس ضد المرأة من قبل الأفراد، والمنظمات والمؤسسات.

فأيها أكتب، وأيها أنشر، وأيها أؤجل؟