بعد النكتة، تعد الدراما ثاني أهم منبر لترويج الحشيش، نشهد في هذا الشهر الفضيل من خلال المسلسلات الدرامية تمريرا للمشهد الترويحي المسلي أو للشخصيات خفيفة الظل.. وبتعاطي الحشيش تتحول إلى "مبدعة أو ذكية أو كوميدية"، والمسكرات والتدخين باتت مشاهد مكررة، لكن لا صوت يعلو فوق الترويج للحشيش.. المسلسلات عوضا عن تناول ومعالجة قضايا المجتمع تحولت إلى منبر لتسويق هذه الآفة.

نشرت هذه الصحيفة خبرا يؤكد أننا لا نسير في طريق خفض نسب التعاطي.. صحيح توجد سيطرة على مستوى المنافذ الحدودية وغيرها بالقبض على المروجين، ومصادرة الكميات المهولة للمخدرات، لكنها جهود دون مساندة تكافح إعلاميا واجتماعيا.

وفقا لوزارة الصحة، أكثر أنواع المخدرات انتشارا في المملكة، الحشيش ثم الكبتاجون فالهيروين، وجميعها تؤدي إلى الأمراض النفسية والعقلية والجسدية الخطيرة، تقرير "المركز الوطني للإعلام والتوعية الصحية بوزارة الصحة"، أكد أن المخدرات كثيرة الأصناف وخطيرة مهما كان مصدرها طبيعيا كالقات والأفيون والمورفين والحشيش والكوكايين، أو ذات مصدر صناعي كالهيروين والإمفيتامينات والمذيبات الطيارة.

ومؤخرا، وزارة الداخلية أعلنت إحباط تهريب وترويج مخدرات بأكثر من مليارَيْ ريال، والعمليات الأمنية تواجه مقاومة مسلحة نتج عن بعضها استشهاد رجلي أمن، وإصابة 15 منهم، ومقتل أربعة من مهربي ومروجي المخدرات، وقُبض على849 متورطا، بينهم 278 سعوديا.. و571 متهما من31 جنسية، وضُبطت أسلحة و12.6 مليون ريال في حوزة المهربين، والحشيش المخدر المصادر خلال عمليات ثلاثة أشهر فقط قدر بأكثر من "16 طنا".

كل هذه التفاصيل الغنية ليست ملهمة للخروج بعمل فني يسهم في المكافحة ولم تسترع اهتمام وتبني المنتجين لطرحها؛ رغم ثرائها بالتفاصيل المهمة المناسبة لطرحها في الدراما المحلية. على الأقل لمواجهة ترويج الدراما العربية الصارخ للمخدرات والتدخين!.

تفيد دراسة طبية بريطانية وعمرها 40 عاما، منشورة في مجلة تصدرها "الأكاديمية الأميركية للعلوم" بأن تداعيات تعاطي الحشيش على ما يقارب 38 ألف شخص، أظهرت أن تدخين الحشيش يسبب الغباء، وأضرارا بالغة للجهاز العصبي المركزي، لا يصلح معها أي علاج.

وتتراجع نسبة الذكاء بدرجة أكبر كلما دخن الإنسان الحشيش في سن مبكرة، مما يؤدي إلى تدهور مراكز معينة في المخ، أبرزها يخص التركيز والذاكرة، ويستمر التدهور باستمرار الشخص في تدخين الحشيش.

هذه المعطيات يبدو على خطورتها ليست كافية لتوظيفها دراميا لمكافحة الحشيش، وهناك زخم من المقومات والمعطيات بإمكانها وفق خطة تتضافر فيها الجهود أن تكون مثمرة في المكافحة.

الترويج الدرامي للمخدرات والحشيش خاصة، مسلسل طويل وممل، وأصبح يتصدر المشاهد وببجاحة.

مهمة الإعلام أن يتصدى لهذه الظاهرة ويتوقف عن المشاركة في الجريمة والتعامل معها بسلبية.