دعا مبتعثون الجهات المسؤولة عن حفظ حقوق المؤلفين كاتحاد الناشرين السعوديين إلى التوعية بالحقوق المادية والمعنوية للمؤلف الجديد، والذي عادة ما يتم استغلاله والتلاعب بباكورة إصداراته من قبل دور النشر خاصة العربية، فعندما يحاول المؤلف في بداية مشواره نشر أول أعماله بأي صورة، يقع ضحية لدور النشر التي تغريه بالنشر السريع بشرط إسقاط مستحقاته المادية، ومصادرة حقوق التأليف أحيانا، إضافة إلى التزامه بدفع قيمة الطباعة والتصميم.

وناقش طلاب خلال ندوة الطلاب المؤلفين في بريطانيا، والتي عقدها نادي الإعلاميين السعوديين بعنوان: "الإصدار الأول: فكرته وتحدياته"، مراحل تحويل الفكرة إلى كتاب، وصعوبات البداية، والتحذير من تلاعب بعض الناشرين بالمؤلف الجديد.

وعرض الطالب محمد السويدان تجربة إصدار كتابه "التكلفة الفعلية في المصارف السعودية" منذ أن كان فكرة وليدة إلى مناقشته كرسالة ماجستير، ثم مرحلة طباعته، وتحويله إلى كتاب في الاقتصاد الإسلامي يثري هذا الجانب.

وحث السويدان المبتعثين على الاهتمام بالأبحاث الجامعية، ورسائل الماجستير والدكتوراه جيدا، لأنها يمكن أن تتحول إلى كتب مفيدة للمكتبة.

وحول تجربته هذه قال: "إن أكبر مشكلة تواجه المؤلف بعد الانتهاء من كتابه هي البحث عن ناشر، حيث تتم غالبا مقايضة غير عادلة بين المؤلف والناشر المبتدئ، لأن الناشر يفكر بعقلية التاجر، لذلك يتعامل مع المؤلف كمصدر للربح، ولا يمكن أن يتبنى الكتاب ما لم يتأكد من هامش الربح، حتى لو كان الكتاب جيدا ومهما للمجتمع"، مشيرا إلى أنه لم يستفد ماليا إطلاقا من طباعة كتابه، لأن أي مبيعات ستذهب لتغطية قيمة الطباعة.

وفي تجربة أخرى، قالت سامية الشولي، إن مرحلة القراءة واكتشاف الكتب هي أولى خطوات التأليف، ولا يمكن الشروع في وضع كتاب ما لم يملك الكاتب مخزونا ثقافيا يساعده في بلورة فكرته، وتحويلها إلى كتاب مطبوع. وأضافت أن عائلتها كانت الدافع الأكبر خلف تجربتها في عالم الكتب، حيث أهداها والدها وهي صغيرة مجموعة من مؤلفات المنفلوطي، الأمر الذي زرع فيها حب القراءة، وساعد على ارتقاء الروح الأدبية لديها"، مشيرة إلى أنها كطبيبة تكون دائما تحت ضغط عمل شديد، وهو ما يدفعها أحيانا للكتابة.

وتروي الشولي تجربتها في البحث عن ناشر لكتابها "زهر اللوز"، وتقول: "حاولت التواصل مع عدد من دور النشر، فطلب مني أحد الناشرين الانتظار حتى سن الأربعين من أجل الشروع في التأليف، بينما رفض آخر تقبل كتابي لأني ـ كما قال ـ لا أرتقي لمستوى محمود درويش أو نزار قباني".

وفي ختام تجربتها حثت المؤلفين الجدد على الارتقاء بأدبهم وثقافتهم، لأنهم مسؤولون أمام الله عما يكتبون وينشرون، مشيرة إلى أنها رغم عدم حصولها على أي أموال مقابل كتابها، فإنا سعيدة بالكتابة والتواصل مع الجمهور.

وانتقد الكاتب فائق منيف استغلال بعض الناشرين للمؤلف الجديد، ومحاولة خداعه وتحميله جميع نفقات إصدار الكتاب، في حين إن الناشر هو من يجب أن يتحمل ذلك، مقترحا تأسيس جمعية لحمابة المؤلفين، أو على الأقل الاهتمام بتوعية ومساعدة أي مؤلف جديد، مشيرا إلى أن اتحاد الناشرين السعوديين لا يقدم ما هو مأمول منه إطلاقا.

وحول إصداره الأول "العاطلون عن الحب ينامون مبكرا"، قال منيف "إن الناشر لا يمكن أن يسوق ويتابع جميع الكتب التي يطبعها، خاصة دور النشر التي يديرها أفراد وليست مؤسسات، لذا فالجزء الأكبر من مسؤولية التسويق تقع على عاتق الكاتب، وقد أصبحت سهلة بسبب الشبكات الاجتماعية، كما أن الكتاب يسوق لنفسه من خلال قيمته الأدبية، وجزالة الأسلوب وعامل اللغة".

ونصح المؤلف في حال الرغبة في عرض كتابه في أحد المعارض مثل الرياض وغيره، البدء في البحث عن ناشر وطباعة الكتاب قبل المناسبة بعدة أشهر على الأقل، لأن الناشر يغلق قائمة الكتب المشاركة بثلاثة أو أربعة أشهر قبل انطلاق المعرض.

وحول تجربة الإصدار الأول بشكل عام، قال منيف "إن الكتاب الأول يساعد المؤلف على خوض تجارب أخرى جديدة، لأن هذا الإصدار يكون قاعدة جيدة"، مضيفا أن بعض المؤلفين الجدد يفشلون في كسب ثقة الجمهور بسبب ضعف العمل الأدبي الذي يقدمونه، والذي يحتاج إلى ملكة ثقافية لا يمكن أن يتحلى بها الكاتب بدون القراءة الواسعة، وبناء مخزون معرفي جيد.

وفي كتابها التعليمي "التحضير لاختبار الأيلتس" قالت الطالبة سمر الموسى، إن كتابها كان عبارة عن تدوينات ومقالات متنوعة في مدونتها الإلكترونية، وبعد تلقيها أسئلة كثيرة من الطلاب حول طرق اجتياز هذا النوع من الاختبارات في اللغة الإنجليزية، قامت بإخراج هذا الكتاب للنور ليستفيد منه كل طالب وطالبة يبحث عن تجربة حقيقية تساعده في فهم تقنيات هذا الاختبار. وأضافت أن الشروع في التدوين خطوة أولى مهمة للوصول إلى مرحلة الكتاب المطبوع، لأنها تصنع جمهورا أوليا، وتساعد الكاتب على تطوير أدواته، ومن ثم الانتقال إلى الخطوة الثانية وهي الطباعة.

وأكدت الموسى أن من فوائد التأليف تكوين الصداقات، والتعرف على الناس، والاقتراب منهم وتقديم شيء مفيد للطلاب المبتعثين.