كل عام وأنتم بخير.. "شهركم مبارك"..

كل أنظمة العمل في الدنيا ـ بل هي الطبيعة الكونية ـ تفرض على الإنسان أن يتمتع بإجازة خاصة. هذا يعني بالضرورة أن الإنسان الذي يبحث عن هذه الإجازة، أحيانا يتوسط للحصول عليها، لا يأخذها اعتباطا!.

مدى تمدن الإنسان ورفاهيته ومستواه المادي هو ما يحدد مدة وطبيعة ونوعية ومكان هذه الإجازة.

السعوديون ـ وأنا بينهم ـ أصبحوا يمنحون أنفسهم الإجازات دون الرجوع لأحد؛ فأصبح آخر يومين من الدوام الرسمي إجازة، وأول يومين من بداية الدوام إجازة، وهناك من "يبحبحها شوي" فيمنح نفسه أسبوعا قبل الإجازة وأسبوعا بعدها؛ والطريقة السحرية السرية تكمن في: "ضبّط أمورك مع زملائك".

هذا ما فعلته بالتواطؤ مع مولانا الشيخ "أحمد التيهاني" ـ قدّس الله سره ـ إذ تقدمت بطلب إجازة لمدة عشرة أيام، ثم نسقت معه سرا لتمديدها مرتين، ولولا أنني خشيت افتضاح الأمر، لاستمرت الإجازة حتى نهاية الشهر المبارك!.

عشق لا ينتهي.. لا يهدأ.. تتأمل واقعنا.. كيف قضينا هذه الإجازات.. تكتشف أشياء عجيبة تستوجب الدراسة والتشريح.

أعترف أنني لم أستمتع بالإجازة هذه المرة، كما كنت أتوقع. هربت من الناس، فأصبحوا يطلون عليّ من كل زاوية، واللافت أن بعضهم امتهنوا لا إراديا حكاية "الإرجاف".

خذ عندك مثلا.. من "الإرجاف" الذي اطلعت عليه، أن هناك عددا من التنظيمات المسلحة تقف على أطراف حدودنا الشمالية، وأن ساعات قليلة تفصلهم عن حي المحمدية في رفحاء. هذه الأخبار ـ وإن كانت مجافية للمنطق والعقل ـ تنسف إجازتك تماما، وتجعلك مشغولا بملاحقتها.

لذلك وحدهم الذين قطعوا اتصالهم بالعالم من حولهم، هم الذين كانوا يقضون إجازاتهم بهدوء!.

على كل حال انتهت الإجازة وعدنا، وبقي السؤال: ما مصدر هذه الإشاعات؟، من الذي يبث هذه الأراجيف؟، من الذي يريد أن يهز ثقتنا بأنفسنا، ويوهمنا أننا نعيش وسط خيمة تعبث بها الرياح من كل جانب؟!

غدا إرجاف من نوع آخر!.