يورد مذيع الـcnn مثل بقية القنوات الأجنبية خبر إنشاء الدولة الإسلامية ومبايعة البغدادي خليفة للمسلمين!!
لكن هذا المذيع يضفي بطريقة نطقه للاسم وبحسب لكنته الإنجليزية صفة إضافية على هذا الخليفة الجديد، فهو إضافة إلى كونه خليفتهم بحسب الانتخاب "الديموخراطي" والمبايعة التي تمت في أقبية هذه الدولة الناشئة من خلال صناديق وتوابيت الاقتلاع فقد أصبح إلى ذلك كما هو منطوق اسمه بالإنجليزي: البيغ دادي BIG DADY وكأنها تعني تودداً وتحبباً الأب الكبير.
وكأن الصدفة تتدخل هنا ليكون الإعلام الغربي مصطفاً إلى جانب حكوماتهم التي غضت النظر عن كل الانتهاكات الواضحة والقتل والتشريد واستخدام السلاح المحظور من نظام بشار ضد شعبه أو من خلال انحياز المالكي الطائفي ضد بقية أطياف العراقيين المتنوعة دينياً ومذهبياً وعرقياً مما أوجد أرضية خصبة لنشوء مثل هذه التنظيمات المتطرفة ومنها "داعش نجم المرحلة، الذي هو من ذرية جبهة النصرة التي هي من نسل القاعدة، وداعش هو التنظيم المخترق من قبل قاسم سليماني، وقد تم توظيفه من قبل النظام السوري ليتم تشويه الثورة الشعبية، وليتم فرملة تقدم الجيش الحر هناك وكذلك - وهذا هو الأهم - فقد استخدم هذا التنظيم لتشويه الحركات الإسلامية السلفية وترويع القوى الغربية من القوى السنية مما يعزز من فكرة التحالف مع إيران صاحبة اليد الطولى في المنطقة والإبقاء على ممثليهم في سورية والعراق على حدٍّ سواء، لكن الواضح أن الناتج النهائي سيكون خلاف ما يخططون له، فلا شك أن التهويل المتعمد لقوة داعش ونسبة كل ما يحدث في العراق لها إنما هو استكمال لهذه اللعبة التي توشك أن تخسر، حيث بات من الواضح أن ما يحدث في العراق إنما هو على وجه اليقين ثورة شعبية من كل وجوه الطيف العراقي وهي تعبير عن التذمر من كل مكونات العراقيين القومية والدينية من هذا الإقصاء الطائفي، الذي يمارسه المالكي صنيعة قاسم سليماني المندوب السامي للمرشد الأعلى.
كما بات واضحاً أن التصدعات قد تغلغلت في النسيج العراقي - كما لم يحدث من قبل - وأن الاصطفاف ظاهر على نحو لا تخطئه العين فها هو السيستاني في حمأة طائفية وحماس مذهبي يدعو إلى التحشيد والتجييش ثم لما ارتفع رصيد الخسارة عنده بكل المقاييس عاد ليخفف ويعتذر ويفسر بطريقة تعبر عن حجم التورط والانحياز، الذي استشعره لاحقاً سواء من سنة العراق أو حتى من شيعتهم العرب الذين صاروا يخشون على عراقهم من التقسيم، الذي بات يتأكد في الشمال فيما تنحاز بقية الأقاليم إلى حرب أهلية قد تطول، وقد تقود كما يراد لها إلى تقسيم العراق على أساس عرقي وطائفي، لكن المساعي العربية – على ضعفها - ما زالت تؤكد على وحدة العراق بمختلف مكوناته وأجزائه، وستبقى المملكة ومعها بعض الدول العربية المؤثرة في الجوار سنداً وداعماً لإقامة حكومة ائتلاف عراقية تتمثل فيها كل الفسيفساء العراقية على نحو يدعم وحدة المكون العراقي ويدعم عدم تدخل الدول الأخرى في شؤون العراق الداخلية.
وستظل تطلعات "دولة الإسلام" – داعش سابقاً - وخليفتها البغدادي سحابة عابرة أو نزوة جامحة أو صرعة طارئة، وستثبت لنا الأيام أن داعش بغير الدعم الصفوي الخفي ليست سوى فزاعة أو نمر من ورق.