إذا قدر لك زيارة دبي وهي تحتفل بأيامها الوطنية فستجد أن الناس من كل الجنسيات الشرقية والغربية في المراكز والشوارع يلوحون بعلم دولة الإمارات وأينما ذهبت فإن شككت بأنهم إماراتيون بالتجنس (فاخطف المترو) لشاطئ الجميرا وفنادقه حيث يتجمهر الأوربيون السياح وستجدهم يرقصون الليوة على أغاني ميحد حمد الوطنية، وستجد الأعلام الإماراتية في كل يد، والابتسامات فوق كل شفة، فالكل يستمتع بمشاركة البلد المضيف فرحته، فإن أدهشك الأمر فحاول استيعابه سريعا وتناول أقرب علم إماراتي ولوّح مع الملوحين فإن انشغالك بالتأمل سيجعل عينيك ذاهلتين وستبقى مندهشا طيلة أيام الاحتفال إلى أن تقرر دبي اختتام احتفالاتها.
وإذا ما قدر لك زيارة مدرسة حكومية سعودية وهي تحتفل باليوم الوطني الوحيد
فلا تدهش لأن بعض التلاميذ العرب المقيمين في السعودية منذ وعد بلفور - ويتمتعون بالدراسة المجانية في مدارس المملكة و يعمل آباؤهم في المؤسسات السعودية مستأثرين بالوظائف والبدلات - آثروا البقاء في صفهم على النزول لساحة المدرسة و حضور الطابور لأن المدرسة تحتفل باليوم الوطني السعودي وهم لا علاقة لهم بالاحتفال ولا تستغرب حين يقولون لك والبراءة (من التبرؤ) (تشر من عيونهم): هذا بلدكم مش بلدنا، فقد نشأوا على الصراحة (ودبها بالوجه) والأفضل - لأنك سعودي نشأت على التجاوز ودمح الزلل لصالح الإخوة – أن تأخذ الأمر ببساطة وتقول لنفسك:"وهم صادقين هي في النهاية ليست بلدهم" لكن رجاء لا تبالغ بالعاطفة (تراك تسويها) وتقول: المفروض ألا نحتفل تقديرا لنفسياتهم!
ولا تسأل عن أسرار العاطفة العربية العربية (فلن تخلص)، فهذا سر من أسرار الله في خلقه، ولأنه حتما سيسوؤك والله – جل وعلا – أمرك بعدم السؤال في هذه الحالات فقال سبحانه وتعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم".
كل ما أتصور أننا ينبغي أن نستوعبه ونعمل من منطلقه هو أن الوافدين لبلدنا - عربا وأجانب – ليس من شروط التعاقد معهم أن يولوا بلدنا الولاء والمحبة وأن يشاركونا احتفالنا الوطني، لكن الذين تطاردهم الدوريات وتصادر أعلامهم في يوم الوطن من شباب البلد الذين ربما يعاني الكثير منهم إما من جمرة (قياس) أو من (ملف علاقي أخضر) لا يريد أن يستقر في خزانة مؤسسة ما هم الباقون للبلد وهم أحباب الوطن الذين يحتفلون بيومه الوطني ويومه الوطني لم يحتفل بهم بعد!
نتوسل لمن يملك حلا أو قرارا أن يحتفل أبناء البلد بيومهم الوطني كما يليق بالاثنين، فلا يبقى شاب بلا جامعة ولا عاطل سعودي بلا وظيفة فهؤلاء هم اليوم الوطني الحقيقي.