حين شاهدته في أول حلقة من برنامجه الـ"يوتيوبي".. (روايا) لم أتفاءل كثيرا، وأطلقت حكمي أنه كمئات الشباب الذين امتلأ بهم الـ"يوتيوب"، فلا إجادة في اختيار المواضيع ولا ارتكاز على نص قوي، لكنني اكتشفت أنني أنا الخطأ وموهبته هي الـ"صح"، ففي الحلقات التي تلت مشاهدتي الأولى له علمني "صالح أبوعمره" أن الابتسامة لا يجب أن تمر من الباب الأكثر ضيقا، إذ ليس من الواجب أن نوغل في نقاش القضية وإيجاد الحلول، يكفيها أن تمر فقط على شفته اللاسعة بطريقة تضحكنا وتحاول أن تشير خلال دقائق لأقصر الطرق نحو حلها دون تنظير ممل لم نعد نتقبله.
"أبوعمره" - وهو من الفئة الشبابية القليلة التي صعدت السلم دون أن تتعثر - يملك موهبة كانت هي الأبرز في كل محطاته، فمهما أخفق النص الذي يقف عليه في بعض الأحيان، يتجاوزه "صالح" بالقدرة في الإمساك بالموقف من خلال تعبيراته التي لم تكن للضحك فقط، بل تستنطق رؤيتك في إكمال الجمل التي يتوقف عندها بتعقيد حاجبيه أو بابتسامته التي تشير إلى أن اللحظة لا تحتمل مواصلة الحديث وإنما عليك استنباط واستقراء ما كان خلفها.
"أبوعمره" من خلال تجربته الفنية أثبت لي أنه من الخطأ أن تحكم على الموهبة من خلال المصافحة الأولى، كأن تحكم على ممثل من خلال مسلسل واحد، أو على مطرب من خلال أغنية، أو على شاعر من خلال قصيدة.. ومن يشاهد "صالح" اليوم في برنامجه "كلمتين وبس" على قناة MBC سيدرك أن الموهبة الحقيقية لا تتوقف عند حد وإنما تظل تجدف حتى تصل إلى المرفأ الذي تراه مناسبا لها.