لم ينته حفل زفاف زميلتي في الجامعة، حتى فوجئت بأن جميع الحاضرات يعلمن مصدر الفستان الذي أرتديه، وأني استعرته من بنت خالتي، وسألت إحداهن عن المصدر الذي أخبرهن بذلك، فأجابتني: إنها ابنة خالتي نفسها". بتلك العبارات بدأت الطالبة الجامعية "هديل" تصف معاناتها مع ابنة خالتها، التي ما إن تفعل الطيب ـ حسب قولها ـ حتى تبثه على جميع من يحيطون بها على الصعيدين الأسري والاجتماعي. وتابعت هديل: "أشعر بغصة في نفسي كلما تذكرت ذلك الموقف الذي أحرجني أمام الجميع، خاصة عندما باحت بالأمر أمام عدد من زميلاتنا في ذات الجامعة، وأكثر ما يسبب لي الحرج تكرار المنّ علي بهذا الموقف كلما شاهدتها". من جانبها، تقول الستينية أم عايش: "كبرنا وما زلنا نعمل بالمقولة التي لطالما أرددها على أبنائي وبناتي وهي.. اعملوا الخير وارموه في البحر". وتعجبت من هذا الزمن الذي أصبح الناس فيه يتباهون بـ"أفضالهم" على الآخرين بعكس زمانهم، إذ قالت: "كنا نفعل الخير ولا نتباهى أو ننتظر المقابل، ولكن ما أراه اليوم هو العكس تماما، ففعل الخير يقرن بما يبطله وهو "المن"، الذي باتت مشاهده تتكرر علينا ليل نهار حتى من قبل الأطفال الصغار". ولم تكن "أم سعد" أوفر حظا من سابقتيها إذ تقول: "كنا في اجتماع عائلي، وقال زوجي لأخي فجأة.. لا تنس أنني السبب في هذا الخير الذي أنت فيه، عندما سعيت للبحث لك عن وظيفة، فتلون وجه أخي، وامتعض لذلك التصرف، لدرجة أن زوجته أخبرتني بأنه يبحث الآن عن عمل آخر، والسببب "المن" من زوجي عليه بتلك الوظيفة، التي بات يذكره بها في كل حين". تعلق مشرفة التخطيط والتطوير التربوي، وأخصائية علم النفس بتعليم القريات هلالة سالم عمر المعبهل، على الموضوع قائلة: "الإنسان بطبيعته لا يمكن العيش بمفرده، وبمعزل عن الآخرين، والناس يحتاجون بعضهم البعض، فالحاجة متبادلة هنا، ولاغنى للناس عن الآخرين في شتى مجالات الحياة".

وأضافت إن "المنّ سلوك سلبي يسبب الإيذاء النفسي، وقد يفتك بالعلاقات الإنسانية، وأحيانا ينتهي بالقطيعة بين الناس".