من بين شعوب قريتنا الكونية ينفرد العالم الإسلامي بمبادئه الشرعية العظيمة، التي خلدها القرآن الكريم وعززتها السنة الشريفة، ليصبح التشريع النظامي الدولي متشوقا لتطبيق أنظمتنا المحصنة بأحكامنا الشرعية، مما جعلها نبراسا يحتذى به في معظم المحاكم الدولية وتنظيما علميا وعمليا تُدّرَس أحكامه في مختلف جامعات المعمورة.

بين كافة سكان العالم، الذي قارب عددهم 7 مليارات نسمة، يقطنون في 203 دول موزعة على 5 قارات، لا توجد مجموعة متجانسة من الشعوب مثل شعوب المجموعة الإسلامية في شهر رمضان المبارك. في هذا الأسبوع ارتفع عدد سكان العالم الإسلامي إلى 32% من سكان قريتنا الكونية، يعيش 70% منهم في 56 دولة موزعة على 26 دولة في أفريقيا و27 في آسيا ودولتان في أميركا الجنوبية هما سورينام وجويانا، ودولة واحدة فقط في أوروبا هي ألبانيا، بينما يقطن 30% من باقي المسلمين في دول العالم الأخرى.

وبين إجمالي ثروات الأرض، التي فاقت قيمتها الشرائية السنوية 170 تريليون دولار أميركي، لا توجد مجموعة من دول العالم تتمتع بنفس ثروات المجموعة الإسلامية في شهر رمضان المبارك. خلال العام الجاري ارتفعت قيمة ثرواتنا الطبيعية من إجمالي ثروات العالم إلى 63% من النفط و8% من الغاز الطبيعي و16% من حقول المراعي و11% من الأخشاب و24% من المنجنيز و56% من القصدير و23% من الحديد والألمنيوم و41% من النحاس و80% من المطاط، إضافة إلى 93% من التمور و43% من القطن و15% من القمح. هذا بالإضافة إلى تمتع دول العالم الإسلامي بأطول وأهم الأنهار في الكرة الأرضية التي فاقت أطوالها 24 ألف كلم، وأكبر بحيرات المياه العذبة على وجه الأرض التي فاقت مساحتها 700 كيلومتر مربع.

تصوروا مكانة المسلمين في قرينا الكونية لو أجمع فقهاؤنا ودعاتنا كافة في شهر رمضان على إصدار فتواهم الموحدة لاجتثاث الإرهاب، والتعريف بمبادئ وأساليب الجهاد، وإيقاف الاقتتال بين الأشقاء، وتعزيز مكانة حقوق الإنسان، وحث شعوبنا على اتباع الحق والعدل والإحسان. بل تصوروا مكانتنا لو تبنى علماء المسلمين في شهر رمضان تعريف العالم أجمع بمكانة المرأة في الإسلام ومكانة مريم العذراء عند المسلمين، التي أطلق القرآن الكريم اسمها على سورة من سوره وذكر اسمها الصريح 34 مرة دون أن يذكر غيرها من النساء بالاسم الصريح، وهذا دليل واضح على علو مكانتها لدى المسلمين.

تصوروا قوة المسلمين بين شعوب الأرض لو أقرت الدول الإسلامية في شهر رمضان اتفاقية التجارة الحرة بينها وأنشأت المفوضية الاقتصادية وألغت كافة الرسوم الجمركية واعتمدت التعامل بالدينار الإسلامي في أسواقها. وتصوروا مكانتنا لو قامت مراكز الأبحاث في شهر رمضان بإطلاق مشاريع السوق الإسلامية المشتركة وقوانين الاقتصادي المعرفي الموحدة، ولو عكفت معاهد الفكر والمعرفة على استخدام الزكاة لاجتثاث الفقر والقضاء على الجوع والمرض، وتوطين الوظائف وتأسيس المشاريع وبناء المساكن، وتشجيع وسائل البحث العلمي وتوطين مبادئ الفكر والمعرفة وإطلاق جوائز التفوق العلمي بين المسلمين.

تصوروا مدى احترام شعوب الأرض لأمتنا الإسلامية لو قام خبراؤنا بعقد مؤتمراتهم وندواتهم مع بيوت الخبرة والمعرفة العالمية في شهر رمضان، لدراسة مواطن الخلل التي تلاحق أمتنا، ووضع الحلول الناجعة لمنع تراجع قدراتنا أو التهور في سياساتنا. تصوروا لو صاغ هؤلاء الخبراء خططهم لاجتثاث آفة الفقر بين مجتمعاتنا التي فاقت المعدلات الدولية بنسبة 42%، وإزالة مشكلة البطالة من قواميسنا التي أصبحت تشكل 31% في مجتمعاتنا مقابل 6% عالمياً، ومعالجة انحراف أسواقنا وابتعادها عن النموذج المثالي للمنافسة والتخصص وثبات الأسعار ورفع الكفاءة الإنتاجية. وتصوروا لو تمكن خبراؤنا في شهر رمضان من تفادي أسباب ارتفاع نسبة الأمية في أمتنا الإسلامية إلى 27% من إجمالي عدد السكان، لتعادل ضعف نسبة المتوسط العالمي، ولو قاموا بعلاج تباطؤ النمو الاقتصادي في الصومال التي احتلت المرتبة الأخيرة بين دول العالم، ومصر التي حلت في المرتبة 101، تليها سورية والعراق وليبيا واليمن والسودان.

تصوروا عظمة المسلمين بين شعوب المعمورة لو اتخذت منظماتنا الإسلامية قراراً في شهر رمضان ينادي بإطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية لتغطية كافة أرجاء المعمورة بالفضائيات الموجهة باختلاف اللغات، وتعريف العالم بسماحة الإسلام وتاريخ علماء المسلمين واختراعاتهم وقد أثرت بحوثهم التطبيقية في فك طلاسم الجبر وانكسار الضوء وحركة النجوم والجاذبية الأرضية، ولتعزيز قدراتنا الذاتية في استشراف أخبار الطقس والبيئة وتحديد مواقيت الصلاة والصيام وتواريخ الحج والأعياد.

تصوروا مكانة المسلمين بين شعوب العالم لو وضع كل مسلم نصب عينيه مبدأي العمل عبادة والنظافة من الإيمان، ليقوم كل منا باحترام واجباته وتنفيذ أعماله بأمانة وإتقان، ولنسعى جميعاً لنظافة مساجدنا ودور علمنا ومنازلنا وشوارعنا بإخلاص واهتمام. وتصوروا لو قام كل طالب في مدارسنا وجامعاتنا بزرع شتلة في أحد أيام شهر رمضان، ولو استطاع كل أستاذ جامعي ترجمة كتاب علمي في شهر رمضان. وتصوروا لو تبرع كل بنك في عالمنا الإسلامي بجزء لا يزيد عن 1% من أرباحه في آخر يوم من رمضان، ولو بادرت كل مستشفى بتقديم العلاج المجاني لفقرائنا في يوم واحد فقط من شهر رمضان، ولو تطوع كل فندق بدعوة مجانية لإفطار مئة يتيم في يوم من أيام رمضان.

تصوروا مكانتنا المتقدمة بين دول العالم في شهر رمضان.